وهبي لرئيس الحكومة: لقد فشلتم في تدبير جائحة كورونا وعقد دعمنا لكم سياسيا خلال زمن الجائحة قد “انفرط”

0 2٬039

قوية، صريحة ومباشرة، هي أهم سمات المداخلة التي ألقاها السيد عبد اللطيف وهبي، بصفته البرلمانية، باسم فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، امام رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسات العمومية، المنعقد يومه الثلاثاء 10 يونيو 2020، بمجلس النواب.

ونظرا للفشل المسجل في مسار التحالف الحكومي على مستوى تدبير عدد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية، لعل تداعيات جائحة كورونا لا تشكل سوى الشجرة التي تخفي وراءها الغابة، انتقل السيد وهبي بتحليل عميق ووضوح بليغ في إيصال صوت حزب الأصالة والمعاصرة من داخل المؤسسة التشريعية.

وحين تطرقه لموضوع التسريبات التي كثرت من أكثر من جهة حكومية، قال السيد وهبي إن الحكومة أتعبت المواطنين من جراء التسريبات المتكررة، في إشارة إلى ما عرفه قرار تمديد حالة الطوارئ الصحية وتخفيف إجراءات الحجر الصحي، من تسريبات من طرف جهات تنتمي للأغلبية الحكومية، حيث صار الحديث “عن تمديد حالة الطوارئ الصحية لمدة شهرين، وحتى قبل أن يبث الجهاز الدستوري في المرسوم أصبح بيد المغاربة، يحملونه متسائلين: أين الحكومة؟ ومن يقرر؟ ثم اهتديتم وانتهيتم إلى شهر من التمديد، والجميع يتساءل: لماذا شهر وليس شهرين؟ أو لماذا شهرين في الأول ثم شهر في الأخير؟ في الحقيقة هذه التغيرات المتواترة تعكس ارتباككم وعجزكم عن اتخاذ القرار وتبليغه”، يقول السيد وهبي، مشبها تضارب تصريحات أعضاء الحكومة المكونات الأغلبية الحكومية بـ”الجزر السياسية المتفرقة”.

وفي ذات السياق، عاب السيد وهبي، من جهة، على الحكومة عدم ايلائها للعناية اللازمة للأطفال المتواجدين بمناطق الحجر رقم 2، وأنه لم يخطر ببال الحكومة منح هذه الفئة العمرية ولو لحظات للتنفس ونسيان ضغط الحجر الذي فرض عليهم من حيث لا تدري. ومن جهة ثانية، على رئيسها منحه سلطات كبيرة للوزراء، وللولاة والعمال، متخليا بذلك عن صفته ومهامه الدستورية كمؤسسة تنسق وتفوض السلطات، ومهمشا دور المؤسسات المنتخبة، مبعدا بذلك دور مجالس الجهات، وهو ما أبان عن فشله و عدم قدرته على اعتماد المقاربات التشاركية أثناء اتخاذ القرار.
مستحضرا في مداخلته تأثيرات القرارات الحكومية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، كون رغبة المغاربة في رفع الحجر تعكس حقيقة صادمة تتلخص في رغبتهم في رفع الحجر الاقتصادي والاجتماعي، “ذلك أن ملايين المغاربة الذين كانوا يعيشون على عتبة الفقر أصبحوا اليوم في ظل حكومتكم وقراراتها فقراء بكل ما للكلمة من معنى، وكذلك الشباب كان مهددا بالعطالة أصبح اليوم عاطلا، ولا أمل في الأفق، وكأن هذا الوباء جاء ليعري عن هشاشة اختياراتكم السياسية والاقتصادية”، يقول السيد وهبي.

متوقفا عند ما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية للضحايا الكثر لفيروس “كورونا”، وضحاياه من العاملين في القطاع المهيكل، مقاولات أصحاب النقل العمومي، والنقل السياحي، ونقل المسافرين، وأصحاب المطاعم والمقاهي وغيرهم، حيث أصبح الجل عاطلا عن العمل، متذمرا، ينتظر الفرج الذي يبدو غير قريب وبعيد المنال، نظرا لما تسجله الحكومة من عجز عن حل مشاكلهم، وإعلان لقرارات لا تقوم الحكومة بتبريرها، لتتحول إلى عقوبات يعاني المغاربة من تداعياتها، “وحتى حينما قررتم توزيع الدعم على الفئات الهشة، فقد تم ذلك بنوع من الارتباك، كانت الفكرة نبيلة، لكن التنفيذ كان سيئا والإخراج رديئا، حرم الكثيرين ظلما وعدوانا”، يضيف السيد وهبي.مؤكدا أن تَصرُّف الأبناك خلال فترة تدبير هذه الأزمة سيظل نقطة سوداء في تاريخ أزمة المغاربة، إذ بالرغم مما راكمته من أرباح طائلة، ظلت تتمسك بالاشتراطات العسيرة رغم الضمانات الهامة المقدمة لها من الدولة والمواطنين والشركات، لتتحول بقدرة قادر إلى عبء إضافي عجزت معه حتى مؤسسة بنك المغرب في التأثير على القرار رغم ما تملكه وتتمتع به من سلطات، بل أصبحت لجنة اليقظة نفسها، نظرا لطبيعة تركيبتها، وكأنها تشتغل لدى البنوك بعد تخلي رئيس الحكومة عن تحمل مسؤولية إدارة هذه اللجنة بصفته الدستورية.

ناقلا بكل أمانة، تساؤلات الفلاح والكساب البسيط عن مصير تسويق ماشيته التي تشكل مصدر دخله، وعيد الأضحى لم يتبقى على حلوله إلا بضع أسابيع، مشددا على أن طريقة تعامل الحكومة مع مسألة إعادة افتتاح الأسواق الأسبوعية التي تعتبر أهم مجال لترويج المنتجات المحلية وإنعاش اقتصاد ذوي الدخل المحدود، لا يعدو كونه دليلا آخر على الارتجالية والارتباك. مطالبا رئيس الحكومة بتقديم توضيحات بهذا الخصوص كي لا يُفسَدَ على المغاربة الفرحة بعيد الأضحى كما ضحت الحكومة بفرحتهم بعيد الفطر.
وعلاقة بموضوع تواصل الحكومة، بكل مكوناتها، مع مختلف الفاعلين وعموم المواطنات والمواطنين، أكد السيد وهبي أنه كل المعنيين بقرارات الحكومة وتواصلها، أفراد ومؤسسات وهيئات، لا يطالبونها باتخاذ قرارات أسطورية للخروج من الأزمة، وإنما فقط يطالبون بالوضوح والحوار، “حوار جدي ورصين، حوار حقيقي صادق وجاد ومسؤول، ( مثلا أرباب المقاهي والمطاعم، وأرباب النقل يريدون منكم فقط الجلوس معهم للحوار) ربما يتفهم المغاربة الإكراهات، ويشعرون بما ينتظرهم. لقد أتعبتنا حكومتكم بصمتها، وحولت الحجر الصحي إلى حجر سياسي، رافعة شعار “كم حاجة قضيناها بتركها”، فمن واجبكم السيد رئيس الحكومة أن تمارسوا سلطاتكم الدستورية كاملة، لا أن تتخلوا عنها بالتقسيط لبعض الوزراء. أو أن نصبح أمام حكومة غير منصتة، وإعلام عمومي يثير التقزز، وأصوات نشاز تنادي بتغييركم بحكومة تقنوقراطية، و كأن الحل السحري بات فقط بيد التقنوقراط أصحاب الأرقام، لا المؤسسات الحزبية والسياسية، ولا أصحاب الشعور الوطني والجرأة السياسية والقدرة على الحسم في اتخاذ القرار”.

وفي الوقت الذي دعا فيه السيد وهبي في مداخلته، بنظرة استشرافية للمستقبل، إلى التفكير الجدي والجماعي في المستقبل، مشددا على أن حزب الأصالة والمعاصرة سيتعامل مع الحكومة بوضوح وصراحة عند احالتها للقانون المالي التعديلي على البرلمان.

أعلن أمام رئيس الحكومة عن انفراط عقد “الدعم السياسي” الذي قدمه الحزب للحكومة مند بداية هذه الأزمة، وأن الحزب سيسحب دعمه لأية مقبلة غير المحسوبة، وذلك بالنظر لما أبانت عنه قرارات الحكومة من فشل بَيِّن جعلتها مجرد خطوات فاشلة لا ترقى إلى طموحات المواطنات والمواطنين، الذين أصيبوا بخيبة أمل إزاء القرارات الاقتصادية والاجتماعية المتخذة من طرف الحكومة والتي باتت تثير مخاوف كل فئات وشرائح المجتمع، منبها رئيس السلطة التنفيذية إلى أن المقاولات الصغرى والمتوسطة والكبرى قد أنهكت بعدما تحملت بكل حس وطني وبكل مسؤولية عبء المساهمة في مواجهة الجائحة. مؤكدا انتقال فريقي الحزب بغرفتي البرلمان إلى المحاسبة وترتيب النتائج عن سوء تدبير الحكومة للشأن العام في ظل هذا الوباء، في انسجام تام لقناعات الحزب ومواقفه، ودفاعه عن الديمقراطية والشرعية الانتخابية.

وطاب في هذا السياق، باتخاذ مجموعة من الإجراءات تهم: فتح حوار شفاف وواضح من موقع المسؤولية اتجاه الأحزاب السياسية، وليس فقط الإنصات والادعاء بعدم التوفر على المعطيات لتأجيل الأجوبة، دعوته للمعارضة البرلمانية إلى الاضطلاع بدورها الرقابي من خلال السعي إلى إحداث لجنة استطلاعية لترتيب المسؤوليات عن الفشل و الاختلالات التي تم التعامل بها مع المواطنين المغاربة العالقين بالخارج، وكأنهم مواطنون من الدرجة العاشرة، وهي إهانة وطنية ترتب مسؤولية سياسية لا يمكن السكوت عنها، ولجنة استطلاعية ثانية لمراقبة كل الصفقات التي تمت في مجال الصحة وغيرها من القطاعات العمومية، حفاظا على أموال دافعي الضرائب، والوقوف على ما شاب تلك الصفقات من ادعاءات للتأكد من صحتها، وفي حالة ثبوت اختلالات، أكد السيد وهبي أنه سيدعو الجهات المعنية لإحالتها على الجهات المختصة.

هذا بالإضافة إلى السيد عبد اللطيف وهبي إلى مساعدة المواطنين الغارقين في الديون، من خلال ضرورة تأخير سداد الديون وبدون فوائد إلى ما بعد انتهاء الآثار الاقتصادية لهذا الوباء، والعمل على دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة ماليا للخروج من أزمتها، ودعم جميع المشاريع الاقتصادية الذاتية كمشاريع أصحاب النقل الخصوصي وأرباب المقاهي والمطاعم والحرف والمهن وغيرها، ثم دعم قطاع السياحة للحفاظ على مقوماته، وبث الروح فيه مستقبلا كمصدر مهم للعملة الصعبة وتشغيل اليد العاملة .

وقبل ان يختم السيد عبد اللطيف وهبي مداخلته امام رئيس الحكومة خلال جلسة الأسئلة الشهرية التي خصصت لموضوع “تطور الحجر الصحي ما بعد 10 يونيو- وتأثيرات الجائحة”، أكد أن الحزب قد أعد مذكرة تضم مجموعة من المقترحات الاقتصادية والاجتماعية مساهمة منه في إعادة الإقلاع السريع الإقتصادي والاجتماعي الوطني، كما توجه للمغاربة العالقين بالخارج بالقول أنه: “إذا كان من الضروري أن نعتذر فإننا نعتذر لكم، فيبدو أن أصحاب المسؤولية الحكومية لم ينصتوا لنا، ولم يراعوا جانب الانتماء الوطني قصد نقلكم إلى وطنكم للعيش بين أحضان أسركم”.


خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.