وهبي يتحدث عن الاستقبال الملكي ودينامية “البام” منذ المؤتمر الوطني الرابع وتصوره لما بعد كورونا وعن التقنوقراط وأداء الحكومة

0 1٬612

في الوقت الذي يكتفي فيه بعض السياسيين بالتصريح في قضايا الشأن العام بنوع من التحفظ والقفز على حبلي دغدغة مشاعر المواطنين والحرص على ضمان عدم فتح جبهات الصراع سواء داخل هيئاتهم السياسية أو مع حلفائهم الحاليين أو المستقبليين، والبعض الآخر بالتواري عن الأنظار وإقفال هواتفهم في وجه وسائل الإعلام وعموم المواطنين، يصر السيد عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة على تكثيف حضوره في واجهة المشهد السياسي، والتعبير عن مواقفه بكل الوضوح الممكن في مختلف القضايا، سواء المتعلقة بواقع الشأن الحزبي داخليا أو القضايا ذات الارتباط المباشر بالشأن العام السياسي والتشريعي.

وفي هذا الحوار المصور الذي أجراه مع موقع “شوف تيفي” الاخباري، يبسط السيد وهبي مواقفه بخصوص الدينامية التنظيمية والتواصلية التي يعيشها حزب الأصالة والمعاصرة والنقاش الذي خلفه قرار إقالة رئيس الفريق النيابي للحزب، وتَصوُّر الحزب لما بعد جائحة كورونا. كما أبدى وجهة نظره لتداخل الحزبي والتقنوقراطي في الحياة السياسية والنقاش الدائر حول مطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية. كما توقف، في هذا الحوار، عند تفاصيل الاستقبال الملكي.

الجهل بالقانون يتكسر على حجر قوة الدينامية التنظيمية

أكد عبد اللطيف وهبي على أن الدينامية التنظيمية والتواصلية التي يعيشها حزب الأصالة والمعاصرة هي انعكاس للمسة الجماعية لقيادة الحزب المنبثقة عن محطة المؤتمر الوطني الرابع المنعقد بالجديدة أيام 6- 7- 8 فبراير المنصرم، مشيرا إلى أنه وبالرغم من عدم إمكانية عقد مؤتمرات جهوية لتجديد هياكل الحزب على مستوى الجهات والأقاليم بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، إلا أن الاجتهاد وفق ما هو متوفر من إمكانيات ووسائل، في هذه الظرف الاستثنائي، خَلُصَ إلى تعيين أمناء جهويين وتوجيههم إلى ضرورة التعامل مع جميع الأحزاب بالمثل، مع استحضار شرط الاحترام في التعامل مع جميع الهيئات السياسية.

مشددا على أنه ترأس، بُعيْد انتخابه أمينا عاما، اجتماعا للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني لمنظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة، ليؤكد لهم أن العمل والتنسيق في مرحلة الإعداد لمؤتمر الشبيبة سيتأسس على مبدأين هما: عدم تدخل قيادة الحزب في طريقة تنظيم المؤتمر، وفي اختيار برنامج وطبيعة التنظيم والقيادة الجديدة للشبيبة. خصوصا وأن هناك وجهتي نظر بخصوص الصيغة التنظيمية التي ستتبناها الشبيبة في مؤتمرها المقبل، الأولى تقول بضرورة ضمان الاستقلالية التنظيمية للشبيبة على مستوى قوانينها وعلاقتها القانونية مع السلطات العمومية، والثانية تقول بضرورة الحفاظ على شبيبة الحزب كجزء من الحزب وخاضعة له على المستوى التنظيمي، بمبرر أن لا تنتفض الشبيبة مستقبلا في وجه الحزب وتنتقد مواقفه وقرارات، وهنا يؤكد السيد وهبي بالقول أنه “لا خير في شبابنا إذا لم ينتقدنا ويتواجه معنا، ولا خير فينا إذا لم نستطع تقبل انتقاد شبابنا وأبنائنا والتواجه معهم فكريا وتقبل انتقاداتهم”.

وعلاقة بالوضع التنظيمي للحزب، شدد السيد وهبي على أنه باشر عملية افتحاص مالي للحزب فوقف على حجم الأزمة المالية التي يتخبط فيها، إذ وجد عجزا ماليا كبيرا، ما اضطر القيادة الحالية إلى اتخاذ مجموعة من القرارات لوقف النزيف في مالية الحزب، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستعرف التفافا كبيرا من طرف المناضلات والمناضلين الذين سيساهمون، كل من موقعه، في إعادة الروح لمالية الحزب حتى يضطلع بأدواره الطلائعية كحزب كبير وطني وديمقراطي. ملفتا إلى انه لا ينبغي النظر إلى وجود رجال المال في الأحزاب السياسية بسلبية، ومادام هؤلاء لهم حضور سياسي وذمتهم المالية صافية مع إدارة الضرائب والمواطنين، فلا يمكن حرمانهم من ممارسة حقهم في العمل السياسي.

وبخصوص ما قيل من رفضٍ لقرار إقالة الرئيس السابق لفريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب وانتخاب رئيس جديد، عبر الأمين العام للحزب عن موقفه الواضح بخصوص اتخاذ المكتب السياسي لقرار الإقالة وأن عملية اختيار الرئيس الجديد للفريق تمت وفق الشروط والضوابط القانونية، وأن رئيس مجلس النواب تابع عن قرب العملية بمختلف مراحلها، ما يفسر موافقته على المراسلة التي وجهت له من طرف الحزب في هذا الخصوص.

“وعن اتهامي بالتزوير في واقعة انتخاب رئيس جديد لفريق الحزب بالغرفة الأولى، أقول أنه حينما يتعامل الأمي مع القانون يصدر أحكاما جاهزة وهذا هو الإشكال الموجود. فقرار الإقالة اتخذ على مستوى المكتب السياسي، وعملية انتخاب رئيس الفريق لا تحتاج إلى 80 صوتا، بل تحتاج فقط إلى 60 صوتا، ومن جهة أخرى، صاحب التوقيع هو الوحيد من له الحق في الطعن بالتزوير، ثم الرئيس السابق ليس من حقه الطعن في لائحة التوقيعات لأنها مرتبطة بعملية انتخاب رئيس الفريق الجديد وليس بقرار إقالته”.

وبالرغم من الطريقة التي رفضت بها المحكمة الدستورية الطعن الذي تقدم به الحزب بخصوص جلسة تصويت مجلس النواب على القانون المتعلق برفع سقف التمويلات الخارجية، أكد السيد وهبي على ان المكتب السياسي اتخذ قرارا باللجوء للمحكمة الدستورية كلما لمس الحزب شكا في سلامة الإجراءات والمساطر المرتبطة بالمصادقة على أي قانون، معللا ذلك بكون المحكمة الدستورية وجدت بنص دستوري وتعيين ملكي لأعضائها، وهي موجودة لتشتغل وتعطي تفسيرها للطعون المقدمة حتى يستفاد منها مستقبلا.

عــن “كـورونـا” والتقنوقراط وحكومة الإنقاذ وتأجيل الانتخابات،

وعلاقة بظروف الاضطلاع بالمسؤوليات السياسية خلال فترة الحجر الصحي، أكد السيد عبد اللطيف وهبي أنه يعيش الأوضاع بنفس الطريقة التي يعيشها كل المغاربة في احترام تام للإجراءات والتدابير الصحية والالتزام بالحجر الصحي، وأنه يترأس الاجتماعات وينسق ويتواصل ويوجه “عـن بعد”. مقرا بأن فترة الطوارئ الصحية التي فرضتها جائحة كورونا وفرت له مساحة زمنية للقراءة والمطالعة، حيث أنه قرأ خلال هذه الفترة عددا من الكتب والروايات من مختلف المشارب.

داعيا الحكومة، بالرغم من كل الملاحظات المثارة حولها بخصوص هشاشة تماسك مكوناتها وتشتت رؤيتها والصراعات الداخلية التي تتخبط فيها، إلى التفكير في المستقبل من خلال إطلاق برنامج اقتصادي واجتماعي والتعامل معه بذكاء ونوع من البرغماتية الوطنية حتى يخرج المغرب من هذه الأزمة بأقل الأضرار.

مقترحا، في هذا الصدد، دعم الحكومة للسوق من خلال ضمان سلاسة تدفق رؤوس الأموال، وتقوية القطاع العام وتأهيله ليستطيع خلق مشاريع اقتصادية تكون قاعدة لإعادة انطلاق القطاع الخاص، إضافة إلى دعوة الشركات إلى إعادة هيكلة ذاتها لتعود بقوة لممارسة نشاطها الاقتصادي.

وفي هذا الصدد، ولأن الدولة ستدخل في أزمة مرحلية مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، لا يرى السيد وهبي مانعا في تأميم الدولة لشركات تنشط ببعض المجالات ثم إعادتها للقطاع الخاص في وقت لاحق، لافتا الانتباه إلى أن هناك مجالات لا يستثمر فيها هذا الأخير ما يبقي الطلب على الدولة كفاعل أساسي سواء عن طريق خلق نوع من تدفق السيولة النقدية داخل السوق وبالاستثمار المباشر أو من خلال تخفيف الضغط الضريبي لتشجيع الخواص أكثر.

وبالعودة إلى فضيحة تسريب مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، تأسف السيد وهبي كون الحكومة لا تتوفر على الحد الأدنى من التضامن الحكومي والدليل هو مصادقة مكوناتها على المشروع قانون، مع تبرير الأمر بكون اشتغال لجنة على إدراج تعديلات جديدة، فين حين سارعت كأحزاب مشكلة للحكومة للتنكر له، ما يزيد في تأزيم الوضع أكثر ويرفع من منسوب غياب الثقة بين مكونات الحكومة من جهة، وبين هذه الأخيرة والشعب من جهة ثانية. واصفا التسريب بـ”المثير”، والذي كان على رئيس الحكومة أن يفتح بحثا بخصوصه.

الحوار الذي أجراه السيد عبد اللطيف وهبي مع الموقع الاخباري “شوف تيفي” كان مناسبة للوقوف عند مجموعة من القضايا السياسية منها تلك المرتبطة بتأجيل الانتخابات، حيث أكد قائد “الجرار” أنه ضـد تأجيل الانتخابات، وحتى إذا فرض واقع الحال هذا الأمر، فقد ربطه السيد وهبي بشروط حددها في: أن لا يكون رئيس الحكومة من أحد الأحزاب السياسية وأن يكون شخصية متفق عليها من طرف جميع الأحزاب، ثم تُقترح التشكيلة الحكومية على صاحب الجلالة، ثم أن لا تكون القيادات السياسية للأحزاب في مناصب المسؤولية كوزراء حتى لا تكون حكومة تحت ضغط الأمناء العامين، إضافة إلى أن يرتبط منح الثقة لهذه الحكومة ببرنامج عمل محدد في التاريخ والموضوع ومحدد في الاجراءات.

معربا عن تفهمه لطبيعة الصراع الانتخابي السابق لأوانه الذي تعيشه الساحة السياسية طيلة السنتين الماضيتين، واضعا التدافع السياسي بين أغلبية تحاول تأكيد نجاعة قراراتها الحكومية، وبين معارضة تؤكد فشل هذه الأخيرة في تدبير الشأن العام وأنها ستحتل المرتبة الأولى لتصحيح الوضع. مؤكدا على أن المتحكم الأول والأخير في نتائج الاستحقاقات المقبلة هو الشعب المغربي الذي سيخضع لقراره ويحترم اختياراته كيف ما كانت.

متوقفا بالتحليل والتأصيل لسياق وظروف نشأة التقنوقراط كبيروقراطية رأسمالية جيء بها إلى قيادة عدد من الأحزاب السياسي لسد الفراغ الذي خلفه ضعف هذه الأخيرة في مواجهة الأحزاب المحافظة في مرحلة من مراحل التاريخ السياسي المغربي، إلا أن واقع الحال أبان عن ضعف كبير لدى التقنوقراط في إدارة النقاش السياسي وفشل ذريع في تملك مقومات لغة التواصل والتحاور مع الشعب المغربي. معبرا عن رفضه القاطع لمطلب تشكيل حكومة تقنوقراط، ومذكرا بموقفه من الوزراء المقترحين من طرف سعد الدين العثماني رئيس الحكومة خلال تعديل حكومته على أنها هيمنة للتقنوقراط الذين صنعتهم البيروقراطية الرأسمالية، واليوم تبين أنهم عاجزون عن تقديم البدائل، وعن الرفع من مستوى النقاش السياسي وعن محاورة الشعب المغربي.

وهبي متحدثا عن الاستقبال الملكي،

محطة الاستقبال الملكي الذي خص به جلالة الملك محمد السادس نصره الله السيد عبد اللطيف وهبي بمناسبة انتخابه أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، كانت حدثا استثنائيا في مسار الرجل، واصفا جلالته خلال هذا الاستقبال بـ”الرجل البسيط في تعامله، هادئ، يشجعك على الكلام، ويشعرك بالاطمئنان النفسي ويسمعك بتركيز. وجدت الرجل يستمع ويناقش، ويتعامل بكثير من الاحترام، وآنذاك أعدت ترتيب كل أفكاري، وبدأت أناقش مع جلالته القضايا الكبرى للدولة، وربما الموقع والظروف هي من جعلتني أفكر في هذا النوع من القضايا، إذا لا يسمح لك بالنزول للأسفل احتراما للرجل وتواضعه”.

مسترسلا وصفه لخصوصية هذا اللقاء وأثره عليه بالقول: “شعرت بالزهو، خصوصا أنه عندما كنت أتحدث إلى جلالته كان يستمع ويحاول إدراك الفكرة الأساسية ليتفاعل معها، وعندما غادرت مكتبه في اتجاه سيارتي، أحسست بهيبة اللقاء وبانبهار خاص لشخصه أكثر من محيطه”. ليكون هذا البوح الذي خـص به السيد وهبي موقع “شوف تيفي” غيض من فيض من تراكم الكثير من المشاعر والاحاسيس التي بصمت جوانبا عديدة في شخصيته وأسلوب وأولويات تفكيره، ليختم تعليقه على هذا الحدث الاستثنائي بالقول: “طبعا كان حدثا غير عادي، فرئيس الدولة لا يلتقيه الناس كل يوم، هم يلتقونه مرة في العمر إن أمكن ذلك”.

أسماء وشهادات،

هذا الحوار الجريء والصريح ختمه السيد وهبي بتقديم شهادته في حق مجموعة من الأسماء التي قدمت له من طرف الموقع الاخباري المستضيف. وقد كان أولاها السيد فاطمة الزهراء المنصوري، رئيس المجلس الوطني للحزب والتي وصفها السيد وهبي بالقيادية وصاحبة الذكاء والقدرة على القرار، وقدرتها الكبيرة على اختيار اللحظة المناسبة لاتخاذ موقف معين.

أما بخصوص السيد إلياس العماري، الأمين العام الأسبق للحزب، فاعتبره السيد وهبي رجلا ذكيا، صعب المراس وعنيد، وأنه يعرف كيف يتلقى الضربات، ولكن كذلك يعرف كيف يردها. معرجا بشهادته على السيد العربي المحرشي، الذي وصفه بـ”ضحية” حزب الأصالة والمعاصرة بكل تفاصيلها، وبكل الصراعات التي نعيشها داخل الحزب، لا من هذه الجهة أو من تلك. أما النائبة البرلمانية الشابة وئام المحرشي، فاعتبرها السيد وهبي زلة وجريمة رئيسة حزب، في إشارة إلى تصريحات سابقة للسيدة نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، مضيفا بالقول: “هي كذلك إبنتنا، وهي ضحية أن تدعِّم العائلة شابة لتدخل غمار السياسة، ندعو إلى ذلك ثم نحوله الى جريمة”.

خديجــة الرحالــي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.