النائب صباري لرئيس الحكومة: الاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرأة الـمغربية لا يَضِيرُ الرجلَ في شيء لأمر ليس معركةً للنساء وحدهن

0 252

جدد النائب البرلماني محمد صباري، التأكيد في فريق الأصالة والـمعاصرة على أن العلاقة بين الـمرأة والرجل لا تقوم مطلقاً على الصراع والقطبية، بل هي علاقة يطبعها التكامل الخلاّق في إطار الفطرة الإنسانية التي فَطَرَ الله الناس عليها.

كما اعتبر النائب البرلماني في مداخلة وجهها خلال جلسة المساءلة الشهرية للسيد رئيس الحكومة، المنعقدة يومه الاثنين 17 يوليوز 2023، مسألة الاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرأة الـمغربية لا يَضِيرُ الرجلَ في شيء، وأن الأمر ليس معركةً للنساء وحدهن، وليس شأنــاً خاصاً بالنساء فقط، بل الأمر شأن مشترك، من منطلق أن النساء شقائق الرجال، في العلم والعمل والسعي لإصلاح الـمجتمع ورقيه ونبوغه وتبوأه الـمكانة الـمتميزة بين الأمم.

وشدد صباري على أن التمكين الاقتصادي للنساء غيرَ معزولٍ عن الواقع الذي يـَحْفَلُ بمظاهر الحيف الاقتصادي الـممارس على الكثير من النساء، مشيرا إلى أن الأرقام في هذا الباب تكاد أن تكونَ صارخةً، إذ نجد أن حوالـي ثلاثة أرباع غير النشيطين في الـمغرب (73,1 في الـمائة) هن نساء، حسب ما كشفت عنه إحصائيات الـمندوبية السامية للتخطيط حول وضعية السكان النشيطين الـمشتغلين والخصائص البارزة لجودة الشغل خلال سنة 2022.

واعتبر النائب صباري أن الـمنجزات الـمحققة على مستوى الحقوق الإنسانية للـمرأة الـمغربية، لن تمنع من استعراض مختلف مظاهر التمييز الذي تعانـي منه الـمرأة في بلادنــا، مشيراً إلى أنه يبقى في مقدمتها الارتفاع الـمخيف والصادم في حالات العنف الـمسجلة ضد الـمرأة، حيث تلقّت النيابات العامة بمختلف محاكم الـمملكة سنة 2021 ما مجموعه 96.276 شكاية، بنسبة ارتفاع قاربت 50 في الـمائة مقارنة بعدد الشكايات الـمسجلة سنة 2020، التي لـم تتجاوز فيها الشكايات 64.251 شكاية، مع تسجيل تطور في عدد الجنايات والجنح الـمرتكبة ضد الـمرأة خلال سنوات 2019 و2020 و2021، والتي انتقلت من 19.019 حالة سنة 2019، ثـم سجلت انخفاضاً بفعل جائحة كوفيد سنة 2020، بتسجيل 18.275 حالة، لكن سرعان ما ارتفعت سنة 2020، بتسجيل ما مجموعه 23.879 حالة.

وهو الأمر الذي اعتبره النائب البرلماني، يُسائل مظاهر القصور التي بات يعرفها القانون رقم 103.13 الـمتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وضرورة إيجاد أجوبة تشريعية تحمي الـمرأة من مختلف حالات وصور العنف، الـمادية منها والرقمية على حدٍ سواء، منوهين في الوقت نفسه بالمجهود الذي يقوم به السادة والسيدات أعضاء مجموعة العمل الـموضوعاتية الـمؤقتة الـمكلفة بتقييم ظروف وشروط تطبيق القانون رقم 103.13 الـمتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، متطلعينَ إلى ما ستنتهي إليه من توصيات وجيهة في سبيل مراجعة هذا القانون الأساسي.

وارتباطــاً بموضوع العنف دائماً، سجل النائب البرلماني أن ثمة عنفـاً من نوع آخر، لا يقل خطورة وحساسية، أو ما تسمّيه اللجنة الـمعنية بالقضاء على التمييز ضد الـمرأة، بالـممارسة الضارة، التي يكاد جزء من الـمجتمع أن يطبّع معها، ويبحث لها عن الـمسوغات والـمبررات، التي تبقى في نظرنـا غير ذي موضوع، يتعلق الأمر بظاهرة تزويج القاصرات.

وفي ذات السياق، أشار النائب البرلماني إلى أن موضوع ظاهرة تزويج القاصرات يثير في فريق الأصالة والـمعاصرة الكثير من القلق الـممزوج بالأسى، ويعتبر ذلك وَصْمَةَ عـَارٍ وإساءة مركبة للمرأة الـمغربية، وهي طفلة، خصوصاً أن الأرقام ناطقة في هذا الباب، حيث تـم إلى حدود سنة 2021 تم سجيل ما مجموعه 28.930 طلباً بالإذن بتزويج القاصرات.

وتوقف النائب البرلماني عنذ مجموعة من القضايا الأخرى التي تمثل لدينا أولوية قصوى، من بينها إشكاليات الحضانة والولاية على الأطفال، وثبوت النسب، والـمصلحة الفضلى للطفل، وقضايا الطلاق والتطليق، وغيرها من التحديات الـمطروحة اليوم على النموذج الأسري في بلادنـا في ضوء ما طاله من تحولات مسّت بنيته العميقة.

وفي هذا الصدد، أكد النائب البرلماني أن مراجعة مدونة الأسرة، في ضوء الدعوة الـملكية السامية على أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وخصوصيات المجتمع الـمغربـي، من خلال اعتماد الاعتدال والاجتهاد الـمنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع الـمؤسسات والفعاليات الـمعنية، تمثل مناسبةً مثلى للاعتراف القانونـي بحقوق الـمرأة ورفع مختلف مظاهر الحيف الذي تطالها بفعل مجموعة من الـممارسات التي لـم تعد مقبولة في مغرب اليوم.

إلى جانب هذا وذاك، اعتبر النائب البرلماني أن التمكين الـمؤسساتـي للكفاءات النسائية، مازال يطبعه الكثير من التردد، مما يسمح بتعميق الفجوة الحاصلة بين الجنسين، بوصفه أحد الـمؤشرات الأساسية لقياس التقدم الواقعي في وضعية الـمرأة، حيث احتل الـمغرب السنة الـماضية في مؤشر الفجوة بين الجنسين الذي يصدره الـمنتدى الاقتصادي العالـمي، الـمرتبة 136 من أصل 146 دولة.

وأثار النائب البرلماني لرئيس الحكومة مثالين دالين ويهم الأول، حضور الـمرأة في سلك القضاء، حيث إن الإحصائيات الواردة في تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2021 تفيد أن الـمغرب يتوفر على ما مجموعه 4235 قاضٍ وقاضية، موزعين من حيث الجنس بين: 3161 قاضٍ من مجموع قضاة الـمملكة، و1074 قاضية بنسبة 25.36 في الـمائة.

اما المثال الثانـي التي تطرق له النائب البرلماني فيتعلق بحضور النساء في الـمناصب العليا، حيث تؤكد الـمعطيات الرقمية الواردة فـي تقرير الـموارد البشرية الـمرفق بمشروع قانون الـمالية للسنة الـمالية 2023، أن التعيينات في الـمناصب العليا بلغت إلى غاية نهاية النصف الأول من سنة 2022 ما مجموعه 1403 تعييناً، منه 182 تعييناً يهمّ الـمرأة، وذلك بنسبة لا تتعدى 13 في الـمائة، وهو الأمر الذي يُسائل في العمق تفعيل الـمقتضيات الدستورية ذات الصلة بالـمناصفة بين النساء والرجال، وتقليص مختلف مظاهر اللامساواة.

– تحرير: خديجة الرحالي/ تصوير: ياسين الزهراوي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.