الوزير عبد اللطيف وهبي: المغرب شهد إصلاحات قانونية هامة ولكن الحياة الْعامة للمغاربة بقيت تحت قانون جنائي متقادم ومسيء لمجمل المكتسبات الديمقراطِية

0 646

أكد وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي أن المغْرِب شَهِدَ إِصْلاحات قَانونيَة هامَة سَواء لِتحْديث الْعَلاقات المِهَنِيَّة والاقتِصادِيَّة، أو محاولة تَخْليق الْحياةِ الْعامَّة والْقضاء على الْفساد المَالي والإِداري، إِلا أنَ وَرْش إِصلاح الْقانُون الْجِنائِي بَقِي مُؤجَّلا؛ وَبقِيَت الْحياة الْعَامَّة للمَغارِبَة تحْت قَانون جِنائِي مُتَقادِم وُمُسِيء لمُجْمَل المُكتَسَبات الدِّيمُقراطِيَة وَالْحَداثِيَة التِي حَقَّقَها الشَّعب المغْرِبِي بِإرَادَة مَلكِيَة وحماس وَطَنِي.

وأبرز الوزير خلال استضافته من طرف مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، يوم الثلاثاء 11 أبريل 2023، بالمكتبة الوطنية بالرباط، خلال مرافعته الثالثة أن انْخِراط المَغْرِب بِإرادَة قَوِيَة في بِناء الدَّوْلة الاجتِماعِيَة باعْتِبارها مُحَاوَلَة لِضَمان الْحَد الأدْنى مِن الْحياة الْكَريمَة للمُواطِنِين، يُعد دَعوَة قَوِية لإِصلاح الْقانُون الْجِنَائِي المَغرِبي بِمُنْطَلَق الدِّفاع عنِ الْحُرِّيات الْفَردِيَة، ذَلِك أنَ كُل التَّشْرِيعات الْحَديثَة التي انصَبَّت علَى تَطوِير الْحُقُوق الاجتِماعِيَة تَتَضمَّن مَبْدَأَ التَّضامُن بيْن الأفْراد المُستَقلِّين.

واعتبر الوزير أن أَهميَّة الدَّولة الاجتماعِيَة التِي يُدَشِّنُها المغرِب الْيَوْم، تَكْمُن في سَن سِياسة تَمنَح الإمْكانِيَات الضَّرُورِيَة لِتُصبِح للفَرد حُرِّيَة تُقَوِّي لدَيْه المُواطَنَة النَّشِطّة، مشيرا إلى أن تَوْسِيع الْحُريات الْفرْدِيَة في مَشرُوع إِصلاحِ الْقانون الْجِنائِي المغْرِبِي هُو انسِجام أوّلا مع التداعِيات الاجتِماعِيَة التِي تَخْلُقُها السِّياسَةُ الاجتِماعِيَة التي بَاشرَتْهَا الْحُكومَة المغربية مُنْذُ اعتِلائِها الْقَرار الْحُكومِي بِالبِلاد.

ويرى وهبي أن الدفاع عن الحريات الفردية في مشروع القانون الجنائي، ليس من باب تقليد نمط حياة الفردانية، أو مجرَّدَ تأثّر سطحي بثقافة الآخر، بل هو دفاع عن الواقع الاجتماعي الذي نعيش فيه، وامتداد نوعي وحضاري لتاريخ أمتنا الإسلامية.

وأوضح وهبي، بالقول: “الدفاع عن الحريات الفردية اليوم في إطار مشروع إصلاح القانون الجنائي المغربي ليس تَرفا فكريا ولا هو قضيةَ نخبة “تتعالم” بها على مجتمعها. بل هو من صميم الدفاع عن التنمية الشاملة والمستدامة لمجتمعنا التَّواق للتَّقدم والازدهار”.

وفي مرافعته الرابعة، ذكر الوزير بجملة من القواعد العامة، “أينما يكون العدلُ فثمّ شرعُ الله”، أو قاعدة “حيثما تكون المصلحةُ فثمّ شرعُ الله”، أو ما إلى ذلك من قواعد فقهية تقدمية، بالإضافة إلى بعض الأحاديث النبويّة الكثيرة، وما إلى ذلك من أقوال وأدلّة شرعية تؤكد بأن سنّة الله في الأرض هي مبادئ وتوجهات عامة تتركُ متسعًا للاجتهاد التشريعي البشري تبعًا لِتَقَلُّب المصالح، تبعًا لنُمُو حاجيات المجتمع، وتبعًا لتطور مستويات المعرفة والوعي والثقافة. هُنا بالذّات يكمن جوهر الإسلام.

وانتقد الوزير فعل تحريض الناس على التدخل في الحريات الشخصية لبعضهم البعض؛ حيث اعتبره أنه لا يعني مُجرد انتهاك للكرامة الإنسانية، حيث يتمّ التعامل مع الناس باعتبارهم قاصرين يحتاجون إلى الحِجر والوصاية، بل إنه انتهاك لأحد حقوق الله، الحقّ في الثواب والعقاب، لا سيما بخصوص القناعات الشخصية.

وكمرافعة خامسة، تحدث خلالها الوزير عن دلالات الحلال والحرام في الإسلام، مشيرا إلى أنه حينما نسعى لإجراء أي إصلاح أو أي تجديد في مجال منظومة الحقوق والحريات في بُعدها الفردي والجماعي، فإنّما نسعى لتحقيق ذلك في إطار من الاحترام التام والتوفيق بين مختلف الثوابت الدستورية للمملكة، وكذا بين مختلف المرجعيات المجتمعية. وفي حالة الاختلاف نحتكم إلى مؤسسة إمارة المؤمنين، تحقيقًا لمقاصد الدين الكُلِّية واستلهامًا لروحه في الحرية والكرامة والعدل والمساواة بين الناس.

تحرير: خديجة الرحالي/ تصوير: ياسين الزهراوي وعبد الرفيع لقصيصر ومصطفى جوار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.