جداد: مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة خطوةً متقدمةً لـمعالجة جزء من الإشكاليات الـمطروحة على مستوى الـواقع السجني

0 263

عبر فريق الأصالة والـمعاصرة بمجلس النواب، عن أمله ورغبته في جعل نص مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، خطوةً متقدمةً لـمعالجة جزء من الإشكاليات الـمطروحة على مستوى الـواقع السجني في بلادنا.

وشدد النائب البرلماني مصطفى جداد في مداخلة له باسم الفريق النيابي خلال الجلسة التشريعية العامة المخصصة للتصويت على مشاريع القوانين الجاهزة، المنعقدة يومه الثلاثاء 24 أكتوبر 2023، على ضرورة تكاثف العمل الجماعي لـمختلف الـمتدخلين في الـمجال القضائي والحقوقي والقانوني، لترشيد الاعتقال وتفعيل التدابير البديلة، مما يُسهم في نهاية الـمطاف في أنسنة الفضاءات السجنية، وجعلها أماكنَ للتهذيب وتقويـمِ السلوك، والحيلولة دون تحولها إلى أماكن لإعادة إنتاج الجريمة.

ونوه النائب البرلماني بالأجواء الإيجابية التي ميّزت دراسة مشروع هذا النص في رحاب لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والتعديلات الجوهرية التي أدخلت عليه، خصوصا على مستوى مقتضيات الـمادة الثانية، من خلال التنصيص على الغرامة اليومية في أحكام الفصل 2-35، وإضافة فرع خامس إلى مقتضيات الباب الأول الـمكرر الذي يحمل عنوان: في العقوبات البديلة، وتفصيل مقتضيات تطبيقها في الباب الخامس الـمكرر الذي يحمل عنوان: تنفيذ العقوبات البديلة، وذلك من خلال التنصيص على جملة من الـمقتضيات الـمرتبطة بكيفيات تطبيق الغرامة اليومية على الوجه الأمثل، بما يحقق الـمقاصد الاجتماعية والقانونية من تشريع العقوبات البديلة في النظام القانوني الـمغربي.

وذكر النائب البرلماني في مداخلته بالأرقام الرسمية الصادرة عن الـمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والتي كشفت على أن عدد السجناء في بلادنا قد تجاوزَ سَقْفَ مائة ألف سجينٍ، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية 64 ألفا و600 سرير.

وأوضح النائب البرلماني أن العقوبات البديلة ترتبط بإشكالية اكتظاظ السجون بفعل اللجوء الـمكثف إلى تدابير الاعتقال الاحتياطي، الذي سجل في بلادنا مستوياتٍ قياسيةٍ، حيث بلغ إلى غاية شهر يوليوز من السنة الجارية حوالي 39 في الـمائة، وهو رقــمٌ يظل مرتفعا جداً، ويتطلّب معالجته تضافر جهود مختلف الفاعلين والـمتدخلين.

واعتبر النائب جداد أن مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، موضوع هذه الدراسة، سيشكل ثورةً حقيقيةً في منظومتنا القانونية وممارستنا القضائية، حيث عرّفها الفصل 1-35 من هذا الـمشروع بأنها العقوبات التي يُحكم بها بديلاً عن العقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة الـمحكوم بها خمس سنوات حبسا نافذا، كما يشكل التنصيص على حرمان الشخص الـموجود في حالة الـعود مقتضىً بالغ الأهمية، تحصيناً للمقتضيات القانونية الـمتعلقة بالعقوبات البديلة من أي انحرافٍ عن الـمقاصد النبيلة التي شُرِّعت من أجلها.

وأشار النائب البرلماني إلى أن الاستثناءات الـمنصوص عليها في أحكام الفصل 3-35 من هذا الـمشروع، تجد أهميتها في اتساقها الـمطلق مع الـمنطق الـمشار إليه سلفاً والقاضي بتحصين هذا النص، وجعل الحكم بالعقوبات البديلة عن سلب الحرية، منسجماً مع تطور الـمنظومة القضائية والحقوقية ببلادنا، خصوصا ما يتعلق بالاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

وأفاد النائب البرلماني أن مشروع القانون ميز بين ثلاثة مستويات من العقوبات البديلة: الأول؛ يَهُمّ العمل لأجل الـمنفعة العامة، والثاني يتعلّق بالـمراقبة الإلكترونية، من خلال جعل تحركات وتنقلات الـمحكومين بهذا الـمقتضى تحت الـمراقبة الإلكترونية، وذلك من خلال تسخير التكنولوجيات الحديثة في هذا الباب كما سارت عليه العديد من الدول، أما الثالث فينصرفُ إلى تقييدِ بعض الحقوق، أو فرض تدابير وقائية أو علاجية أو تأهيلية، من منطلق فلسفة عقابية تستلهم الـمرجعيات البيداغوجية في تقويـم السلوك الاجتماعي للأفراد، واختبار مدى جدية استعدادهم لتهذيب سلوكاتهم، بهدف جعلها متوائمة مع الـمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، ومدى قدرتهم على الاستجابة لتدابير إعادة الإدماج بوصفه الغاية الـمثلى من أي تشريع يروم سلب الحرية: سجناً كانَ أم عقوبةً بديلةً.

وأبرز جداد أن العقوبات البديلة استقرت في باب تقييد حقوق الأفراد، أو فرض تدابير وقائية أو ذات طبيعة علاجية، في مزاولـة الـمحكوم عليهم بهذه العقوبات لنشاط ذي طبيعة مهنية، أو متابعة برنامج دراسي أو مهني، يعود بالنفع على الفرد وعلى الـمجتمع على حد سواء، كما نصّت التجارب الدولية في هذا الباب، وهو ما سار عليه مشروع القانون إلى منع الـمحكوم عليهم من مغادرة مكان معين، أو خلال أوقات معينة، أو منعهم من ارتياد أماكن ذات طبيعة محددة، أو خلال أوقات معينة، وهي مقتضيات تربوية تهدف إلى تحسيس الـمعني بهذه العقوبات بقيمة الحرية في صيغتها الـمطلقة، وحرية ارتياد مختلف الأماكن والفضاءات، وخلال مختلف الأوقات دون قيدٍ أو شرطٍ.

كما اعتبر النائب البرلماني أن التنصيص على إخضاع الـمحكوم عليهم للعلاج النفسي، أو العلاج ضد الإدمان، ظل مطلباً لكل الأصوات الحقوقية، أو الـمشتغلة في مجال محاربة الإدمان، من خلال مناداتها -مُجتمِعةً- بأن الحكم بعقوبات سالبة للحرية ضد أشخاص يوجدون في حاجة إلى العلاج أقربَ منه إلى الاعتقال، غير مجدٍ، ولـم يقدم أي نتيجة منذ عقود من الـممارسة القضائية، وهو ما يتطلّب ضرورة الرفع من أعداد الأطباء الـمتخصصين في معالجة مختلف أنواع الإدمان، وتخصيص مراكز كافية في هذا الباب، من خلال جعل السياسة الصحية متّسقة مع الـمستجدات التي تعرفها السياسة الجنائية ببلادنــا.

تحرير: خديجة الرحالي/ تصوير: ياسين الزهراوي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.