حنان أتركين تؤكد على الدور المهم جدا لوزارة الأوقاف وتدعو إلى مقاربة استثمارية في تدبير أملاك الأحباس

0 200

أكدت عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، حنان أتركين، على الدور المهم جدا الذي تضطلع به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لارتباط عملها بوظيفة إمارة المؤمنين، فهي التي تشرف على أمن المغاربة الروحي، وتسيير الشأن الديني، وفق ما توافق عليه المغاربة من قواعد حددت مذهبهم وعقيدتهم، وإليها يعود تكوين والإشراف على عمل القيمين الدينيين وتتبع عطائهم، ومتابعة التعليم العتيق، بالإضافة إلى ما تضطلع به مؤسسات لصيق عملها بنشاطها، من إصدار الفتاوی و ضبط نطاقها، وإشاعة جوهر الدين الحنيف السمح.

وأبرزت السيدة أتركين، في مداخلة لها باسم فريق البام؛ خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أنه “لا أحد ينكر أن مجهودا كبيرا بذل، وفي مستويات عدة، من توفير العدد الكافي للمساجد، وتأطير الأئمة والمرشدين، وطباعة المصحف المحمدي، والعناية بالتراث الإسلامي وتحفيز الشباب على النهل من الثقافة الإسلامية، في حفظ القرآن، وتجويده بقراءاته، والعناية بالخط المغربي، وغيرها من أوجه الرعاية التي تحظى بها هذه الثقافة، التي تشكل جزءا من هوية المغرب والمغاربة، كل ذلك إما وفق برامج خاصة أو من خلال مسابقات تحفيزية تفتق المواهب وتعتني بها.

ولاحظت السيدة أتركين، أن حصيلة هذا التدبير أصبحت جزءا من منظور الآخر إلينا، وواجهة لما يطلق عليه عادة “النموذج المغربي”، لذا، تضيف المتحدثة، انتبهت العديد من التجارب لمضمون هذه السياسات، المشكلة لجزء من إشعاع المملكة في محيطها القاري والعربي والدولي، يشهد على ذلك الاقبال المتزايد للأئمة الأفارقة على التكوين ببلادنا، وما يمنحه فضاء “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة”، من إطار للتلاقي وتبادل الخبرات والتجارب، في استمرارية لحضور المملكة الوازن في امتدادها الطبيعي الإفريقي.

وسجلت أنه إذا كان المواطنون لهم علاقة غير عادية بهذه الوزارة، لأنها تشرف على المقدس، وعلى الأهلة، فإنها تقترن في مخيالهم، بأداء شعيرة الحج، هذه الفريضة التي يتشرف عموم المغاربة لأدائها أو لإعادة تأديتها، وهو ما يقودهم دائما إلى طرح أسئلة القرعة، وعدد المناصب الممنوحة للملكة وطريقة توزيعها على مدنها ومداشرها، والمحظوظون منهم، يذهبون أبعد فيسألون عن كلفة الحج ومدى معقوليتها، وظروف النقل والإيواء والتأطير، وعلى الخصوص، ما يرتبط بالمقام بمنى، وما يعرفه من ضعف في المرافق الصحية، ونقص في الخدمات المقدمة، وهذا الهاجس يتكرر بشكل سنوي، مما يتطلب بذل مزيد من الجهد، والتوعية والتأطير لتدبير هذه المحطة الهامة من أداء فريضة الحج، لذا، نسائلكم السيد الوزير عن مدى إمكانية الارتقاء “بقسم الحج”، إلى درجة “مديرية “في التنظيم الهيكلي للوزارة؟؟.

وأضافت أتركين، أنه في عهد المؤسسات أصبحت الدولة هي التي تتكلف بتمويل الشأن الديني، تحت مظلة إمارة المؤمنين، حفظا له من تنازع المتنازعين ومن تجاذبات الرؤى واختلافها، لكن المغاربة، مع ذلك، مجبولون على العطاء والبذل في سبيل رفعة دينهم، وطهارة بيوت الله، وإعلاء شأن القائمين عليها، ويعدون ذلك من أفضل القربات التي يتقرب بها، وهو ما يطرح علينا أسئلة الوقف وكيف يمكن تشجيع المغاربة على الحفاظ على هذا التقليد، الذي جعل المحبسين يدرجون في قائمة من يتم الإحسان إليهم بالدعاء دبر كل صلاة، وكيف يمكن تثمين الوقف، وتدبيره بطرق عصرية، تعزيزا لمداخل الوزارة، بتوفير موارد إضافية للمخصصات المرصودة في الموازنة العامة.

وأكدت أتركين، أنه اعتبارا لكون التعليم العتيق خزانا ومستنبتا النخب الدينية، فإن العناية به، وبما يلقن فيه، وعلى المشرفين عليه، يعد أهم الضروريات، “لأنه مصدر مناعتنا من المذاهب والنحل الدخيلة الغريبة، ويتطلب توسيع نطاق المستفيدين منه، والإبقاء على خصوصيته، تلك الخصوصية التي تربط المدارس العتيقة بفضائها ومحيطها الاجتماعي والاقتصادي، ويجعلها بنية من بنيات القرية أو المنطقة عموما، هذا الرابط العضوي الذي بدأ يخفو بامتداد الدولة للإشراف عليه، وهو ما يقتضي إعادة توعية المحسنين، والوجهاء إلى أن هذا الإشراف هو إشراف إضافة لا إشراف تعويض؛ وإذا كانت أي سياسية عمومية يتوقف نجاحها، في جزء كبير منه على مواردها البشرية، فإن الاعتمادات المخصصة للقيمين الدينيين، أصبحت تلامس مبلغ مليار و 430 مليون درهم حاليا، في حين لم تكن تتجاوز 6 ملايين درهم في وقت مضى. ورغم ذلك فإن ارتفاع الأسعار وكلفة العيش، تتطلب إعادة النظر في أجور هذه الفئة، استحضارا لنبل أدوارها”.

وبالنظر إلى أن واجهات العمل الديني متعددة، تضيف البرلمانية أتركين، فإن الجانب الإشعاعي والتعريفي يبقى هاما، وهو ما تقوم به على وجه جيد “إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم”، ببرامجها المتعددة الموجهة لفئات متنوعة، “وبهذه المناسبة، فإننا نأمل أن يتم التفكير في تطوير تجربة “متحف محمد السادس لحضارة الماء”، وكذا “متحف لوقاش للتراث الديني بتطوان”، عبر إنشاء متاحف موضوعاتية جهوية، في البداية، تجمع شتات الشواهد والآثار، خدمة للموروث الثقافي الإسلامي، فيتم إنشاء متاحف للمصاحف، وأخرى للخط، وغير ذلك… توظف فيها التقنيات الحديثة التي تستطع التواصل مع الأجيال الجديدة، وتنقل إليهم تراث الأجداد، أملا في خدمته واستمراريته، في وقت يتم فيه سرقة التراث المغربي ومظاهره الحضارية، ورموزه المادية والمعنوية؛
“كما أن العديد من القضايا التي تموج في المجتمع، والتي يطلب من الجماعة السياسية أن تقدم فيها حلا، وجزء من هذا الحل لا يتم إلا بعد أخذ رأي علماء الأمة، يستوجب دينامية علمية كبيرة، ومواكبة من علمائنا، واشتغالا دؤوبا، وحركية في مفاصل البناء المؤسساتي يمتد من المجالس العلمية المحلية إلى المجلس العلمي الأعلى، فقضايا مجتمعية خلافية، يبحث لها عن التوفيقية الممكنة التي تراعي مقاصد الشرع، وحال الأمة في زمنها ومکانها هذا، وهو ما يتطلب دورا جديدا للعالم وللمؤسسات التي ينتسب إليها، ونوعا من التوازن في عمل المجالس العلمية المحلية التي تعرف تباينا في أدائها، وفي نوعية حضورها ما بين المشاركة الفاعلة المؤثرة، وبين الغياب المطلق غير المبرر”، تضيف السيدة أتركين.

وفي زمن الندرة، ندرة الموارد عموما، في ظل أزمات مستحکمة، متتالية، همت المال والطاقة والغذاء، فإن للخطاب الديني دور في تدبيرها، توعية واقتراحا، تتساءل أتركين “فهل يأتي يوم نفكر فيه في جمع الزكاة أو جلود الأضاحي؟ أو ندعو ميسوري الأمة إلى مذهب “سيدي بلعباس”، القائم على الصدقة والبذل والإنفاق، وفي هذا الموضوع لا يمكنني الاستفاضة في مذهب درستموه السيد الوزير في تحقيقكم لكتاب “التشوف إلى رجال التصوف” لابن الزيات، وقدمتم بخصوصه درسا رمضانيا رفيعا، في حضرة الجناب الشريف أمير المؤمنین…؟”.

وذكرت المتحدثة ذاتها، أن الوزارة تتوفر على أزيد من 52 ألف وحدة عقارية، بين عمارات ودور للسكن ومتاجر، إضافة إلى أراضي غير مبنية داخل المدارات الحضارية، إلى جانب أراضي فلاحية بالبوادي؛ معتبرة أن ذلك يطرح في سياق النقاش حول الاستثمار، وتصويت “مجلسنا على قانون الإطار بمثابة میثاق للاستثمار، إيجاد صيغ لتسهيل الولوج إلى العقار الوقفي، وجعله عاملا مسهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عن طريق وضعه رهن إشارة المستثمرين، وخاصة الشباب منهم، في إطار شراكات مثلا؛ فتوفير الوعاء العقاري، یعد إحدى المشكلات الثلاث الجوهرية الذي تواجه المستثمرين.

واعتبرت أتركين، أن الوزارة مدعوة إلى الإسهام في توفير وتخصيص أراضي للمقابر، وهي فكرة طرحها فريق الأصالة والمعاصرة، في مناسبات عدة، إذ تعرف العديد من المقابر وضعية كارثية بكل المقاييس، في حين أنها تكتسي أهمية إنسانية وحضارية ولها رمزية دينية، باعتبارها فضاءات لحفظ حرمة وكرامة الموتى؟.

وفي موضوع آخر، لفتت أتركين، إلى أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قامت بمجهود كبير لتوفير سبل التأطير الديني لأفراد الجالية المغربية بالخارج، بهدف حماية وترسيخ ثوابتهم الدينية، عبر إيفاد بعثات علمية من القراء والوعاظ والواعظات المؤهلين إلى بعض الدول الأوروبية التأطير الجالية المغربية هناك، بتنسيق طبعا مع الجهات المعنية بشؤون الجالية المغربية، أو من خلال تقديم مساعدات مالية للمراكز الإسلامية التابعة للجالية المغربية بالخارج للقيام بهذا الدور، مسجلة أن ذلك لم يوقف انتشار أفكار متطرفة عند البعض منهم، وهو ما يقودنا إلى التساؤل عن مدى وجود رؤية استراتيجية في الموضوع، بأهداف محدد، قادرة على تحصين مكونات الجالية المغربية، وتوفر لهم الفهم السليم الوسطي للدين، وتشجعهم على الاندماج في مجتمعات تعددية.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.