فريق البام النيابي يؤكد أن ندرة المياه غدت معضلة عامة تسترعي اهتماما متزايداً من لدن كافة الخبراء الدوليين

0 180

دعا فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، الحكومة للانتباه إلى أهمية وأولوية وكذا مكامن الخطر الناجم عن عدم التعامل الجدي والمسؤول مع تحديات الصدمات المائية التي صارت تعرفها وتجتازها بلادنا خلال العقود والسنوات الأخيرة.

وأكد النائب عبد الفتاح العوني، في مداخلة له باسم الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة، المنعقدة يومه الاثنين 12 دجنبر 2022، أن مسألة ندرة المياه لم تعد مشكلة خاصة ببلادنا، بقدر ما غدت معضلة عامة تلقي بظلالها على مختلف أقطار العالم، ومن ثم باتت تسترعي اهتماما متزايداً وقلقاً متعاظماً من لدن كافة الخبراء والدارسين والمتتبعين على الصعيد الدولي.

فعلى الصعيد الدولي العام، اعتبر النائب البرلماني أنه يجدر بنا التنبيه إلى أن مشكلة التغير المناخي لم تعد مسألة عرضية بل أمست قضية جوهرية خطيرة ومهددة لكوكب الأرض برمته، الشيء الذي يستلزم استنفار وتعبئة كافة الجهود من قبل المتدخلين المعنيين بغاية التصدي لمخاطر هذه المشكلة الطبيعية.

أما على المستوى الوطني، فأشار العوني إلى الحيز الذي احتله هذا الموضوع في الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، حين أكد على ضرورة إدراك الطابع البنيوي لظاهرة الجفاف التي تتسم بها بلادنا، ومن ثم وجوب إيلاء كامل الاهتمام لإشكالية الماء في جميع جوانبها. لأن “الماء هو أصل الحياة، وهو عنصر أساسي في عملية التنمية، وضروري لكل المشاريع والقطاعات الإنتاجية”، يؤكد صاحب الجلالة.

وذكر النائب البرلماني إلى ما خلصت إليه اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في تقريرها العام الصادر في شهر أبريل من سنة 2021؛ من كون “البيئة والموارد الطبيعية.. تتعرض لضغوطات قوية تحت تأثير التغير المناخي.. (وكذا) تأثير السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية التي لا تأخذ في الاعتبار، بشكل كاف، ضرورة استدامة الموارد والتوازن البيئي”.

وهو ما اعتبره النائب البرلماني يعكس في نظر هذه اللجنة الهشاشة التي تعاني منها بلادنا إزاء معضلة التغير المناخي؛ هذا ناهيك عن الأسباب ذات الصلة بطرق الاستغلال المفرط والاستعمال العشوائي، لهذا المورد الطبيعي الحيوي والتي لا تأخذ بعين الاعتبار ندرته وفق الصورة اللازمة والمطلوبة، وبالتالي “فإن المبادرات التي قام بها المغرب قصد التكيف مع هذا الوضع تبقى محدودة” على حد تعبير صائغي تقرير اللجنة المذكورة، يؤكد النائب البرلماني.

وذكر العوني بتأكيد العديد من الخبراء والباحثين المغاربة على كون المغرب يعد أحد الأقطار ذات العمق الحضاري العريق فيما يتعلق بتدبير الموارد المائية، حيث عمد الأجداد المغاربة منذ زمن طويل إلى ابتكار طرق تدبيرية غاية في الذكاء سمحت لهم باستدامة الاستفادة من هذا المورد الحيوي، حين بادروا إلى استخدام نظام “الخطارات” بالمناطق الواحية، ونظام “توزيع حصص الماء بالتناوب” في المناطق الجبلية؛ مما يعكس وعيا مبكرا لدى ساكنة هذه البلاد بأهمية هذا المورد الأزرق وضرورة حمايته والحفاظ عليه.

كما أشار النائب العوني إلى إقدام المغرب، مباشرة بعد استقلاله ـ بفضل عبقرية المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله ـ إلى العمل على بناء السدود وقنوات تحويل وتوزيع المياه، مما شكل مكسبا هاما للمغرب في مجال تدبير قطاع الماء، وهو المكسب الذي صار مبعث فخر بالنسبة لكافة المغاربة.

وتطرق العوني للجهود الكبيرة والمحمودة التي بذلتها بلادنا خلال العقود الأخيرة، بهدف تحقيق الأمن المائي للمغاربة، من خلال إعداد مخططات وطنية للماء والوقاية من أخطار الفيضانات وتدبير مواسم الجفاف، وإطلاق مشروع تحلية مياه البحر ببعض المناطق، وكذا إدراج المناطق القروية ضمن نطاق البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة.

وبالتالي شدد النائب البرلماني على ضرورة سن سياسة تخطيط متزنة بعيدة المدى تساعد متخذي القرار على القيام بتدبير استباقي لمسألة شح المياه وندرته؛ بما فيه إعادة النظر في الترسانة القانونية لبلادنا، خاصة قانون 95.10 الذي أسس لقواعد التدبير المندمج والتشاركي واللامركزي للموارد المائية، والذي أقر كذلك بأن الماء يبقى “ملكا عموميا لا يمكن خوصصته”، وشدد أيضا على ضرورة حماية الجودة والتدبير المندمج لهذا المورد الأزرق.

بالرغم من ذلك كله؛ يؤكد النائب العوني أن الجهود المبذولة لم ترقى، في الحقيقة، إلى مستوى طموحات المغاربة؛ خاصة وأن العديد من التقارير الدولية تقر بسير المغرب في منحى تنازلي فيما يرتبط بموارده المائية، بسبب تدهور جودتها بمختلف أنواع الملوثات الصلبة منها والسائلة.

تحرير: خديجة الرحالي/ تصوير: عبد الرفيع لقصيصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.