قلوب فيطح: نحن في حزبنا نؤمن بأن مدونة الأسرة يلزمها تعديل شامل ونركز على الأولويات ونرصد مظاهر التمييز واللامساواة في بعض المواد التي تكرس الحيف

0 582

قالت، عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب- رئيسة منظمة نساء حزب الأصالة والمعاصرة، السيدة قلوب فيطح، إنه منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين وضع قضية المرأة المغربية في طليعة الإصلاحات المؤسساتية، ودعا جلالته في الكثير من المناسبات إلى دعم وتشجيع وإشراك المرأة في تدبير الشأن العام محليا ووطنيا تحقيقا للتنمية المجتمعية.

كما أن جلالة الملك، وفي الكثير من خطاباته السامية، دعا إلى تحديث الترسانة القانونية والتشريعية بما يحقق مبادئ الإنصاف والعدل والمساواة، وهو ما تمت ترجمته على أرض الواقع في صدور العديد من التشريعات بدءا من مدونة الأسرة في العام 2004، ودستور المملكة في العام 2011، ثم مصادقة المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق المرأة والطفل والتي ترجمت على مستوى القوانين الوطنية بصدور مجموعة من التشريعات نذكر منها على سبيل المثال القانون رقم 103.13 الخاص بمحاربة العنف ضد النساء والقانون رقم 27.14 المتعلق بالاتجار في البشر والقانون رقم 12.19 المتعلق بالعاملات والعمال المنزليين، إلى غير ذلك من القوانين التنظيمية والقوانين الخاصة بالمرأة على وجه الخصوص.

وأضافت السيدة فيطح، خلال حلولها ضيفة على برنامج “شباب في الواجهة” (القناة الأولى)، مساء يوم الثلاثاء 11 يوليوز الجاري، في حلقة ناقشت موضوع “إصلاح مدونة الأسرة بين مقومات الهوية ومتطلبات التحديث “، أنه وارتباطا بمضامين الخطاب الملكي للعام 2022 الداعي إلى مراجعة مدونة الأسرة، فالحقوق غير قابلة للتجزيئ، والحديث عن الحقوق يشمل مختلف أوجهها: سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا وثقافيا، وبالتالي تقول فيطح: “لا يمكن أن نختزل الحقوق في مدونة الأسرة فقط، لكن هذه الأخيرة هي ذلك الفيصل الذي نستقي منه إذا كانت المرأة المغربية بالفعل قد نالت حقوقها من عدمه، أو تمكنت من الحصول نوعا ما على مجموعة من الحقوق والامتيازات”.

وللموضوعية، تسترسل عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، فإن المرأة المغربية لا يزال يطالها بعض التمييز والحيف في مجموعة من المقتضيات، وربما بعض المقتضيات والمواد الخاصة بمدونة الأسرة شابتها الإساءة حال تطبيقها، وبالتالي تضيف المتحدثة: “نحن كنساء، نحن كمجتمع، قضية الأسرة تهم المجتمع ككل، المرأة، الرجل، والطفل، وبالتالي فإن تعديل مدونة الأسرة بما يضمن للمرأة المزيد من الحقوق يهم كل فئات المجتمع”.

وفي سياق متصل، أبرزت السيدة فيطح أن خطاب العرش للعام 2022، “كان بمثابة الضوء الأخضر الذي كنا ننتظره جميعا كأحزاب سياسية، على اعتبار أن الشأن الأسري يمتزج فيه ما سياسي، اقتصادي، وما هو ديني، ونحن نعلم بأن أمير المؤمنين هو حامي الملة والدين، وعلى أساس ذلك فإن الشأن الديني متروك لجلالة الملك”. ولا بد في هذا السياق من التأكيد على أن الخطب الملكية، تشير فيطح، تكون بمثابة خارطة طريق تتضمن رسائل وتوجيهات قوية يتم من خلالها تحديد الأولويات ورسم معالم الإصلاح. ومباشرة بعد الخطاب العرش للعام 2022 تعبأت جميع الأحزاب السياسية وخاضت في نقاش مجتمعي جاد ورصين من أجل الوصول إلى صياغة تقارير وكذلك مذكرات ترافعية عن الأسرة ككل.

وفي هذا الإطار، قالت رئيسة منظمة حزب الأصالة والمعاصرة: “نحن في حزبنا، نؤمن بأن مدونة الأسرة يلزمها تعديل شامل انطلاقا من المادة 01 إلى المادة 400، وكذلك نؤمن ونركز على الأولويات ونرصد مظاهر التمييز واللامساواة في بعض المواد التي تكرس الحيف.

من الناحية الإجرائية والموضوعية، فعند الحديث عن هذه الأخيرة فإننا نقصد المواد، نحن ضد زواج القاصرات ولا يمكن مطلقا أن نتصور أننا نقبل بزواج أو تزويج القاصرات، لـأن هذا التزويج هو بمثابة إجرام يمارس في حق الطفولة”.

وعلى نفس المنوال، وبخصوص النقطتين المتعلقتين بالولاية والحضانة، فعند الطلاق بكل أشكاله تسند الحضانة للمرأة، الحضانة بكل أعبائها، تسترسل فيطح، لكنها محرومة من أبسط الحقوق الإدارية للطفل المحضون لأن الولاية هي الأب، وهناك العديد من الأمثلة والمقتضيات الأخرى التي تكرس مظاهر التمييز وجب حذفها من المدونة، وذلك حتى نشعر المرأة بأنها تستفيد من الحقوق بشكل متوازن ونحقق العدل والإنصاف سواء بالنسبة للرجل أو المرأة.

ومن الناحية الإجرائية؛ يجب توسيع وتعزيز أدورار النيابة العامة خصوصا أمام التملص من الإلتزامات والصعوبات التي تواجه النساء في إثبات دخل الأزواج؛ وأيضا التفعيل الحقيقي لمسطرة الصلح؛ وتوحيد الإجتهادات القضائية، وجعل مصلحة الأطفال فوق كل اعتبار.

وأضافت المتحدثة أن الأحزاب السياسية معبأة اليوم بشكل كامل للإسهام في النقاش الوطني حول تعديل مدونة الأسرة، ولكن هناك تخوف من أن يتم استغلال هذه التعبئة إلى فتح دعوات للتراشق السياسي والمزايدات الشعبوية وتضليل المجتمع المغربي. فعندما نطالب بالحقوق، فهذه الحقوق متضمنة في الدين الإسلامي السمح الذي يكرس للعدل والمساواة، وتظل دائما مصلحة الطفل ومصلحة الأسرة فوق كل اعتبار أو مزايدات.
وعادت السيدة فيطح، للحديث عن النقطة المتعلقة بتزويج القاصرات، والتي مازالت بعض الفئات والفعاليات تروج لها، “والحال أن واقعنا اليوم يستوجب مواجهة ظاهرة التزويج هاته وتمكين المرأة من التكوين والتأطير، وتوفير ظروف للعيش للفتاة ودعمها على مستوى التمدرس حتى نسهم بشكل جماعي في التصدي لتزويج القاصرات، فما نرضاه ونقبله لبناتنا يجب أن نرضاه للنساء ككل”.
السيدة فيطح، أشارت إلى أنه وبعد مرور 19 عاما تفعيل مدونة الأسرة، لا بد من استحضار المخاض العسير الذي سبق ميلاد المدونة، والذي لعبت فيه الحركات النسائية وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمؤسسات عموما أدوارا طلائعية، حيث اشتد حينها النقاش الإيديولوجي والصراع السياسي، لكن حسم النقاش في كل ذلك كان بفضل التدخل الملكي والخطابات السامية الرزينة والمواقف المسؤولة التي تدعو إلى الانفتاح على الاجتهاد المعتدل مع التشبث بالهوية والثوابت المغربية.
واستحضرت رئيسة منظمة حزب الأصالة والمعاصرة، أن صدور مدونة الأسرة شكلت حدثا مهما بكل الأبعاد والمقاييس، ذلك أن المرأة في ظل مدونة الأحوال الشخصية كانت محرومة من أبسط حقوقها وحريتها، والعديد من المساطر كانت تتسم بطول الإجراءات والصعوبات في الإثبات، لكن تضيف السيدة فيطح، وبعد سنوات من تطبيق مدونة الأسرة آن الأوان لتبيان الثغرات وكشف البياض، وبشكل عام أن نسهم جميعا في التطبيق السليم لمقتضيات مدونة الأسرة، معتبرة أن النقاش بهذا الخصوص أمر إيجابي والتجاذبات التي تحدث هي في صالح الأسرة ككل.
خصوصا، تؤكد عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، وأن دستور المملكة المغربية يكرس للمقاربة التشاركية، والمجتمع المغربي يؤمن بالاختلاف والتعدد، لكن كما سبقت الإشارة، يجب ألا يتم استغلال هذه النقاشات والتجاذبات من أجل المزايدات السياسية، فالمقاربة التشاركية هي التي تتيح لنا إلى أن نخلص إلى تعديل للمدونة متميز بالاتزان والتوازن ومتفق عليه ويراعي الهوية المغربية ويراعي أيضا التحولات الحاصلة في المجتمع.

ختاما؛ جددت المتحدثة على أن حزب الأصالة والمعاصرة؛ يدعم المناضلات ويؤمن بالقدرات النسائية ويشجع الممارسات السياسية للمرأة عموما؛ واستعرضت أمثلة من بينها : رئيسة المجلس الوطني للحزب؛ ثلاث وزيرات ضمن الحكومة؛ تشكيلة المكتب السياسي؛ العمل النيابي وطريقة توزيع الأسئلة والتعقيبات مناصفة بين السيدات والسادة النواب والتمثيلية النسائية بمكتب مجلس النواب.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.