نفق تيشكا والاستثمار في البنية التحتية هي المدخل لتحقيق إقلاع اقتصادي شامل بجهة درعة تافيلالت

0 3٬282

أنيس إبن القاضي

لطالما شكل العجز المسجل في مجال البنيات التحتية بجهة درعة تافيلالت حجر عثرة في المسار التنموي بالجهة لعدة سنوات عانت فيها من العزلة وغياب الخدمات الأساسية، إلا أن دينامية التنمية التي انخرطت فيها الجهة مؤخرا جعلها تعيش في سباق ضد الساعة، لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة للساكنة التي عانت من ظلم الجغرافيا والاقتصاد.

وتجسدت هذه الدينامية في الزيارات المتكررة لمسؤولين حكوميين للوقوف على مدى تنفيذ وسير المشاريع المبرمجة التي ستعزز قدرة الجهة التنافسية وتمكن من استثمار أمثل لمواردها ومؤهلاتها يعود بالنفع على الساكنة المحلية كي تواكب هذه المنطقة دينامية التنمية الشاملة التي انخرط فيها المغرب.

ورغم المعيقات العديدة التي تعاني منها جهة درعة تافيلالت، التي يبلغ عدد سكانها نحو مليون و630 ألف نسمة وتشغل الواحات حوالي 88 في المائة من مساحتها الإجمالية، إلا أن عددا من المؤشرات الايجابية تؤكد أن الجهة في طريقها لتحقيق طفرة إيجابية في المستقبل القريب.

من جهة نظري المتواضعة، كفاعل سياسي بالجهة، بإمكان جهة درعة- تافيلالت، بما تزخر به من مؤهلات بشرية وطبيعية مهمة، أن تتحول إلى قطب صاعد يساهم في تنمية اقتصاد المغرب، مما يتطلب الاستغلال الأمثل لهذه المؤهلات وتضافر مختلف جهود المتدخلين لتحقيق إلتقائية البرامج والمشاريع لكسب رهان التنمية.

وهكذا تظهر الإحصاءات أن جهة درعة- تافيلالت، التي تضم أقاليم الرشيدية، وميدلت، وتنغير، وورزازات، وزاكورة، غنية بمواردها الطبيعية، إذ يمثل تراثها المعدني نسبة 40 في المائة من مجموع التراث المعدني على المستوى الوطني.

هذا الغنى في القطاعات ذات القيمة المضافة الهامة يفترض أن يساهم في الرفع من معدل النمو بالجهة، لكن واقع الحال يختلف بالنسبة للجهة التي تتساءل ساكنتها حول كيفية تغيير الوضع في هذه المنطقة، التي تعد من بين أكبر مناطق المملكة بمساحة 128 ألفا و 592 كيلومتر مربع.

جانب آخر من الظلم الذي تتعرض له الجهة هو البنية التحتية، ونقصد قلة الاستثمار في الطرق السيارة التي تضيع على الجهة فرصا حقيقية للاقلاع الاقتصادي والاجتماعي الشامل الذي ارتضاه جلالة الملك محمد السادس والذي ألح عليه في خطابي العرش وخطاب ذكرى ثورة الملك والشعب.

هذا الاقلاع ينطلق في نظري، من ربط جهة درعة تافيلالت مع جهات فاس مكناس، وجهة سوس ماسة وبني ملال خنيفرة بالطريق السيار، من أجل تحقيق تكامل اقتصادي في الجهة، وفتح واجهة بحرية للجهات المذكورة مع جهة سوس ماسة من خلال ميناء أكادير والذي يمكن أن يلعب دورا مهما في تقوية منسوب التصدير والاستيراد والرفع من المبادلات التجارية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال شبكة طريق سيار قوية تيسر تنقل الاشخاص والبضائع بكل سلاسة، وبالتالي جلب استثمارات للمنطقة وتحقيق نمو اقتصادي بالمنطقة.

عائق آخر يقف حجرة عثرة أمام الاقلاع الاقتصادي الشامل، يتعلق بمشروع نفق تيشكا بربط جهة درعة تافيلالت بجهة مراكش آسفي، هذا المشروع الذي تأخر كثيرا بسبب ظروف متعلقة بالميزانية، خروجه لأرض الواقع سيشكل قفزة نوعية في اقتصاد الجهة وأقاليمها الخمسة.
نفق تيشكا، تعددت الدراسات حوله وحول أهميته كمشروع حيوي للجهة، كان آخرها دراسة للمجلس الإقليمي لورزازات خلال دورة فبراير 2006، بموجبها تم المصادقة على إطلاق دراسة جديدة، تكلف بإنجازها مكتب دراسات بالرباط، وهي الدراسة التي خلصت إلى رسم معالم النفق الذي سينطلق من جماعة ‫ “‬ستي فاضمة‫ “‬ بإقليم الحوز في اتجاه دوار السور بجماعة تديلي بإقليم ورزازات، بطول قدر بـ 10 كيلومترات و300 متر وبعرض 09 أمتار و65 سنتيمترا، وبكلفة قدرت بـ 2,2 مليار درهم. ‎
ولقد أكدت جل الدراسات السابقة التي أنجزت بخصوص نفق تيشكا أن إنجاز هذا النفق المهم والاستراتيجي سيقلص المسافة الفاصلة بين ورزازات ومراكش بـ 45 كيلومترا، مما سيوفر 40 دقيقة من الوقت بالنسبة للسيارات الخفيفة، وساعة كاملة بالنسبة للعربات ذات الوزن الثقيل، وهذا معناه ان هذا الممر الوعر ولوجه مهم، لاسيما إذا استحضرنا أنه يعتبر إلى حدود كبيرة إجباريا للوصول لورزازات الكبرى، حيث تمر به أزيد من 2000 عربة يوميا‫.‬ ‎لقد شددت مجموعة من الكتابات على أن إنجاز النفق سينعكس بشكل إيجابي على التجارة وحركة السلع والخدمات، وسيوفر إمكانات مادية كبيرة وسيقلص من حجم الوقود المستعمل للعربات‫.‬
وسيعطي النفق لساكنة المنطقة هامشا أكبر للاختيار في السلع والخدمات، وسيوفر أكثر راحة وأمانا بالنسبة للمسافرين وبالسرعة المناسبة لتلافي تفويت الفرص على أبناء المنطقة.
وأبرزت الدراسات التقنية أن نفق تيشكا تقدر تكلفته بحوالي 2.2 مليار درهم سيكون بديلا استراتيجيا للمسالك الحالية الوعرة، وفي حال إنجازه سيفك العزلة البرية عن حوض درعة ودادس ويساهم في تنميتها الإقتصادية. ‎باختصار، من شأن النفق أن يفك شيئا من العزلة التي تعطل حركة الملايين من المواطنين المنسيين في المغرب العميق، ومن شأنه أن يجبر بعضا من الضرر الجماعي الذي لحق مغربا أريدا له أن يوضع في خانة المغرب « غير النافع ».
بحيث سيمكن النفق الدولة من التصالح الترابي مع 20 في المائة من مساحة المغرب، ومن ثم تحقيق نوع من العدل في البنيات التحتية الطرقية بين جميع مناطق المغرب خاصة أن اهتمامات الدولة في السنوات الماضية كانت مركزة على محور الدار البيضاء القنيطرة.

أنيس إبن القاضي الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة جهة درعة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.