وزير العدل يبسط بمؤتمر إقليمي جهود الوزارة لمواصلة تعزيز المكتسبات التي حققتها المملكة المغربية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها

0 426

أكد وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي، أن المملكة المغربية اختارت تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، أن تجعل من حماية حقوق الإنسان والنهوض بها مرتكزا استراتيجيا في تحديث الدولة وعصرنتها، وهو الخيار الذي جسدته العديد من الأوراش الإصلاحية والمبادرات النوعية التي أطلقتها مع نهاية العقد الأخير من القرن الماضي ومع مطلع الألفية الثالثة.

وتطرق الوزير في كلمة ألقاها صباح يومه الخميس 16 نونبر 2023، بالقنيطرة، في افتتاح المؤتمر الإقليمي حول “دور المؤسسات الأمنية في الوقاية من التعذيب: تجارب وتحديات في منطقة الشرق الأوسط وشمال”، لأهمية أن هذا اللقاء الهام، الذي يعتبر حدثا نوعيا، لكونه الأول من نوعه على الصعيد الإقليمي، واعتبارا لطبيعة المشاركين من مسؤولين أمنيين من دول المنطقة، ومن خبراء دوليين متخصصين في مجال مناهضة التعذيب على صعيد الأمم المتحدة، إضافة الى مسؤولين مؤسساتيين رفيعي المستوى من المملكة المغربية، هذا فضلا عن أهمية موضوعه الحيوي والمتجدد في سياق ما تشهده حاليا منطقتنا من تحولات وأحداث تسائل المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية والدول والمشترك البشري والضمير الإنساني الحي.

وأبرز الوزير أن أهم مكتسبات بلادنا الانخراط في جميع الاتفاقيات الأساسية في مجال حقوق الإنسان ومن ضمنها اتفاقية مناهضة التعذيب وكذا البرتوكول الاختياري الملحق بها، إضافة الى تعزيز مكانة حقوق الإنسان في الدستور المغربي، على ضوء نتائج تجربة العدالة الانتقالية، بما فيها حظر وتجريم الانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان ومن بينها التعذيب، وتعزيز استقلالية السلطة القضائية وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، وهو المجال الذي شهد إصلاحات هامة تنفيذا لأحكام الدستور ونال عناية كبيرة، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وإعمالا لنتائج الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.

وأوضح الوزير أن من المكتسبات الوطنية دسترة مؤسسات حماية حقوق الانسان ومن بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي احتضن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي جاء إحداثها بعد مسار وطني تشاوري عميق وهادئ كان من بين مرتكزاته استثمار خلاصات الملتقيات الدولية والإقليمية والوطنية ذات الصلة بموضوع الوقاية من التعذيب، والتفاعل مع نتائج الحوار مع لجنة مناهضة التعذيب في إطار مناقشة التقرير الوطني الرابع سنة 2011.

واعتبر الوزير أن انفتاح المغرب على زيارات الإجراءات الخاصة شكل دفعة إضافية في هذا الاتجاه، ولاسيما استقبال المقرر الخاص المعني بالتعذيب سنة 2012 وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي سنة 2013، اللذان زارا بكل حرية عددا من المدن المغربية والمؤسسات السجنية وباقي أماكن الحرمان من الحرية. كما يعد انخراط المملكة سنة 2014، الى جانب أربعة دول، في قيادة مبادرة المصادقة العالمية على اتفاقية مناهضة التعذيب في أفق 2024، خطوة محفزة لهذا المسار.

وأكد الوزير أن تنصيب هذه الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب سنة 2019 شكل لبنة جديدة في مسار استكمال الصرح المؤسساتي الوطني، ومثلت أعمالها إضافة نوعية ووسيلة فعالة على صعيد العمل الوطني للوقاية من التعذيب، بما تقدمه من ممارسات جيدة واسهامات قيمة في هذا المجال، لاسيما وأنها تواصل تعزيز أجواء الثقة المتبادلة مع مختلف الفاعلين وحشد الدعم لأعمالها وتوصياتها، على إثر زياراتها المنتظمة والمتنوعة لأماكن الحرمان من الحرية وبمختلف جهات المملكة، وهو ما يجسد، مؤسساتيا وإجرائيا وواقعيا، تجربة فضلى على صعيد تكريس شفافية وحكامة أنظمة الحرمان من الحرية وضمان خضوعها للمراقبة الخارجية والمستدامة.

وفي هذا الإطار، قال الوزير “ارتأينا في وزارة العدل أن نواصل تعزيز هذه المكتسبات، باعتماد قانون يخص العقوبات البديلة الذي جاء لمواكبة تحولات الجريمة وروح العصر وتطور سياسة العقاب والاسهام في تعزيز روح المواطنة، من خلال إيجاد نظام عقابي بديل حديث وناجع يهدف إلى ملاءمة العقوبة وإصلاح سلوك الجاني وتهيئته للاندماج داخل المجتمع. إضافة إلى تفعيل المقتضيات القانونية لتغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم”.

وأضاف الوزير، “ونأمل أن يسهم مشروع قانون المسطرة الجنائية في تعزيز ضمانات المحاكمة العدالة وضمان التوازن بين سلطة الاتهام وحقوق باقي الأطراف وكفالة التوازن بين اللجوء إلى الحراسة النظرية وبين حماية حقوق المتهمين وضمان سير العدالة، وحماية الفئات الضعيفة والهشة ومساعدتها، وعقلنة الاعتقال الاحتياطي، واعتماد بدائل عن الاعتقال والعقوبات البديلة، وتقوية الوسائل الالكترونية في مكافحة الجريمة”.

وبنفس العزيمة، استرسل الوزير، “نتطلع إلى إجراء مراجعة للقانون الجنائي، بما يكفل الملاءمة مع المعايير الدولية ومراعاة مستجدات العصر وتطور الجريمة، ولاسيما، علاقة بالموضوع، من خلال توسيع التعريف ليشمل الأفعال المرتكبة من طرف كل الأشخاص، ورفع العقوبة لتشمل كل موظف عمومي مارس التعذيب أو حرض أو وافق أو سكت عن ممارسته على شخص لتخويفه أو إرغام شخص آخر للإدلاء بمعلومات أو بيان أو اعتراف”.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.