وزير العدل يدعو من جنيف لتكثيف التعاون بين الدول والحكومات حول قضايا البيئية والتنمية المستدامة وتمكين الأفراد من التمتع بحقوق الإنسان

0 342

وصف وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في يوليوز المنصرم، القرار رقم 76/300 حول “حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة” الذي حظي بتأييد 161 دولة، بمبادرة من المملكة المغربية وكوستاريكا وجزر المالديف وسلوفينيا وسويسرا، بالهـام. مشيرا إلى أن القرار أعاد التأكيد على الارتباط الوثيق بين تمتع الأفراد بجميع حقوق الإنسان وأهمية وجود بيئة نظيفة وصحية ومستدامة. مبرزا أن هذا الارتباط أصبح اليوم يرقى إلى شرط أساسي في ظل التحديات المناخية والبيئية.

وفي كلمته التي ألقاها زوال يوم الإثنين 27 فبراير الجاري، بقصر الأمم بجنيف، وذلك بمناسبة اللقاء الموازي للدورة 52 لمجلس حقوق الإنسان حول موضوع: نتائج مؤتمر الأطراف الخامس عشر والحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة (تعميم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة)، قال وزير العدل إن هذا القرار قد أكد على أن تعزيز حق الإنسان في بيئة نظيفة وصـحية ومســـــتدامة يتطلب التنفيذ الكامل للاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف بموجب مبادئ القانون البيئي الدولي، وهو ما يتطلب، تكثيف التعاون ومواصلة التشاور بين الدول والحكومات حول قضايا البيئية والتنمية المستدامة وتمكين الأفراد من التمتع بحقوق الإنسان. مشيرا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريس قد أكد على أهمية هذا القرار إذ اعتبره “تاريخيا”، وأنه يبرهن على إمكانية اتحاد الدول الأعضاء في النضال الجماعي ضد “أزمة الكوكب الثلاثية” المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث. وهو ما اعتبره السيد وهبي، التحدي الأكبر المطروح على الدول لتحقيق المعادلة الصعبة بين متطلبات التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان، وفق منظور المساواة والاستدامة.

وفي ذات السياق، وبعدا ذكر بانخراط المملكة المغربية منذ أمد بعيد في المبادرات الأممية والإقليمية الرامية إلى الحد من انعكاسات التغيرات المناخية، وبشكل خاص منذ مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة لعام 1972 وفي كل مؤتمرات الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغير المناخ، أوضح السيد وزير العدل أن التغيرات المناخية والاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، وتلوث الهواء والأرض والمياه، والتدبير غير السليم للمواد الكيميائية والنفايات، وللتنوع البيولوجي، تؤثر على تمتع الأفراد بحقوق الإنسان. مشددا على أن المملكة المغربية ما فتئت تولي الأهمية اللازمة لمكافحة التغيرات المناخية وحماية البيئة، وهو ما جعلها بلدا رائدا في مجالات تروم المحافظة على البيئة كالطاقات المتجددة، فضلا عن التزاماتها في مجال خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كل ذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي اعتمدتها المملكة المغربية تنفيذا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأبرز وزير العدل في كلمته أن الهدف الأسمى للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، والمتمثل في الانتقال بالاقتصاد المغربي إلى اقتصاد أخضر، ثم الانسجام التام مع الجهود الدولية في هذا المجال ومع توصيات الهيئة الدولية لخبراء المناخ ومع أهداف التنمية المستدامة.

مشيرا إلى أن المملكة المغربية قد قامت بإعداد المخطط الوطني للمناخ 2020-2030، والذي يهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف وتسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتنزيل السياسات الوطنية المتعلقة بالمناخ على المستوى المحلي وتشجيع الابتكار ورفع مستوى الوعي للاستجابة لتحديات مكافحة التغير المناخي. ويركز هذا المخطط على تعزيز الحكامة وتعبئة التمويل لمكافحة التغير المناخي وكذا اللجوء إلى الحلول المعتمدة على الطبيعة وإنتاج الطاقة النظيفة، وتطوير الصناعة الخضراء وتزويد المناطق الصناعية بالطاقات المتجددة.

كما قامت المملكة، بتحيين إسهاماتها المحددة وطنيا للحد من انبعاث الغازات الدفيئة والتي تهدف إلى خفض هذه الانبعاثات بنسبة 45,5 في المئة في أفق سنة 2030.

ووعيا منها بالدور المحوري للحق في الماء وارتباط العديد من الحقوق الأساسية به كالحق في الحياة والحق في الصحة، أبرز وزير العدل في كلمته، أن المملكة المغربية تعمل على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية والشاملة لجلاله الملك محمد السادس في مجال الماء وتدبير الموارد المائية، من خلال تنفيذ البرنامج الوطني الأولوي للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020- 2027، والذي تقدر كلفته بحوالي 11 مليار دولار. ويهدف هذا البرنامج إلى توفير الموارد المائية والاقتصاد في الماء، خاصة في المجال الفلاحي وإعادة استعمال المياه العادمة، إضافة إلى تحلية مياه البحر.

أما في المجال الفلاحي، ذكر وهبي أن المملكة المغربية واصلت مخطط المغرب الأخضر الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس في 2008، باعتماد استراتيجية فلاحية جديدة “الجيل الأخضر”، والتي ترتكز أساسا على تأهيل العنصر البشري، ومواصلة دينامية التنمية الفلاحية، بما في ذلك، الحفاظ على المياه وتثمينها وتطوير الري الموضعي، وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة وتعزيز برامج البحث والتطوير لنقل التكنولوجيا الزراعية الفعالة للفلاحين، هذا بالإضافة إلى انطلاق الاستراتيجية الغابوية الجديدة “غابات المغرب 2030″، التي تشكل نقطة تحول مهمة في تدبير الغابات بالمغرب، من خلال سعيه إلى خلق توازن بين الحفاظ على النظم الإيكولوجية الغابوية وتثمين موارده وتطويرها، وتشجير 50 ألف هكتار سنويا لبلوغ 100 ألف هكتار سنويا في أفق 2030.

وبالرغم من كل المجهودات التي بذلت وتبذل من طرف المجتمع الدولي في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي وتعميم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، أشار وزير العدل إلى أن رهان تحقيق الأهداف المرجوة مازال بعيد المنال بسبب مجموعة من الإشكالات المعقدة والمتداخلة.

وإلى جانب ضعف التعبئة وتنفيذ الالتزامات الدولية، يرى وهبي أن عوامل أخرى تشكل تحديا بل تهديدا حقيقيا لتعميم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، من بينها الكوارث الطبيعية والظروف المناخية، والعجز المتزايد في المياه الذي قد يبلغ 40٪ اعتبارًا من عام 2030، وذلك حسب تقرير الأمم المتحدة السنوي عن الذهب الأزرق، وتلوث المحيطات والبحار الذي يشكل خطرا على التنوع البيولوجي وعلى توازن منظومة الأمن الغذائي، فضلا عن الآثار العديدة الوخيمة للنزاعات، بما في ذلك على الأمن الغذائي. ما يتطلب، بحسبه، رفع التحديات العالمية المرتبطة بالتغير المناخي، وإعادة توجيه الاستثمارات نحو الأنشطة الاقتصادية التي توازن بين الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية وإيلائها التشجيع والدعم اللازمين، بالإضافة إلى مواصلة تطوير منتجات استثمارية وأدوات مالية جديدة صديقة للبيئة والمناخ، تتسم بالاستدامة والمسؤولية.

وحين تطرقه لتعزيز استقرار القطاع المالي وتمويل مشاريع التنمية، أشار وزير العدل إلى أن هناك حاجة للمزيد من الآليات والأدوات التمويلية الواعدة والبديلة لمصادر التمويل التقليدية، والتي من شأنها سد الفجوة المالية المطلوبة لتحقيق تنمية منخفضة الكربون ومتأقلمة مع آثار التغير المناخي، تراعي خصوصيات المجالات الترابية من أجل تعزيز قدرة صمود الساكنة، كما أن التمويل العمومي يكتسي أهمية بالغة في مجال الاستثمار في المشاريع الخضراء ومكافحة التغير المناخي، ليس فقط كمورد مالي مباشر، ولكن أيضا كمحفز للاستثمار الخاص.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.