المحرشي: معركة محاربة العنف ضد النساء تستدعي العمل لضمان انسجام التشريع الوطني مع المعايير الدولية المعتمدة..

0 860

نظم مجلس المستشارين، اليوم الأربعاء 11 دجنبر 2019، بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، مائدة مستديرة حول موضوع “دور البرلمانات في حماية المرأة وتشديد عقوبات مرتكبي العنف في مشروع إصلاح القانون الجنائي”.

وفِي كلمة له باسم مجلس المستشارين، اعتبر العربي المحرشي، عضو مكتب مجلس المستشارين، هذه المائدة المستديرة محطة أخرى من بين محطات سابقة لها علاقة بنفس الموضوع، والتي كان المجلس مبادرا إلى تنظيمها أو احتضانها أو الانخراط فيها.

وأوضح المحرشي أن العنف ضد النساء هي ظاهرة ذات بعد عالمي ليست مقتصرة على ثقافة أو دين أو بلد بعينه، أو على فئة خاصة من النساء بمجتمع ما، كما أنها تستهدف جميع الفئات العمرية وتوجد في جميع الفضاءات الخاصة أو العامة، مؤكدا أن العنف ضد النساء يشكل أحد المعيقات التي تحول دون تحقيق المساواة والتنمية، وهو الهدف الذي لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة حقيقية وفعلية للمرأة في مختلف الميادين السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، والتي تبقى مشروطة بالحفاظ على حقوقها وتفعيل دورها في بناء المجتمع.

وقدم المستشار البرلماني بعض الأرقام لتبيان خطورة الوضع، قائلا في هذا الصدد “قدرت الأمم المتحدة وفقا لبيانات البنك الدولي نسبة النساء اللائي يتعرضن للعنف أثناء حياتهن ب 70 في المائة، وأوضحت بأن النساء اللائي تتراوح أعمارهم بين 15 و44 عاما يزيد خطر تعرضهن للاغتصاب والعنف العائلي عن خطر تعرضهن للسرطان وحوادث السيارات والحرب والملاريا، وهو ما يعتبر كارثة إنسانية يتوجب على كل من موقعه العمل بجهة من أجل مواجهتها، بل وإنهائها إذا كنا بالفعل ننشد مجتمعات سليمة، متقدمة، نشيطة ومتزنة.


“ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يضيف العربي المحرشي، فثلث النساء في العالم تعرضن لعنف جسدي أو جنسي، عزت استفحال ظاهرة العنف على الصعيد العالمي، إلى ضعف العقوبات الزجرية التي تفرض على مقترفي العنف الجسدي على المرأة نتيجة وجود ثغرات قانونية والاقتصار أحيانا على عقوبات زجرية وتأديبية دون توفير آليات حمائية ووقائية”، مبرزا “التقرير الجديد لهيئة الأمم المتحدة للمرأة والذي استعرضت فيه تقييم تنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن في الدول العربية، حيث يشير إلى أن التغييرات التي اجتاحت المنطقة حملت في طياتها فرصا ملموسة لمشاركة النساء في الحياة السياسية والعامة، إلا أن احتدام النزاعات أدى إلى تعرض النساء لمخاطر وتهديدات ومصاعب متزايدة”.

أما على الصعيد الوطني، أكد المحرشي أن الوضع الذي يعيشه المغرب ليس معزولا عما يعيشه العالم العربي والغربي، فالمرأة المغربية لا تزال، على غرار الكثير من نساء العالم، تعاني من ظاهرة العنف، وهذا ما تؤكده بعض الأرقام المقلقة والصادمة التي تختلف حسب الجهات الصادرة عنها، مسجلا أن التقرير السنوي الأول للمرصد الوطني للعنف ضد النساء كشف عن تسجيل 38 ألفا و318 حالة عنف ضد النساء في 2014، وتتوزع على 14 ألفا و400 حالة توضع في خانة “العنف النفسي” و8743 حالة في إطار “العنف الجسدي” و1770 حالة ضمن “العنف القانوني” و12 ألفا و561 حالة في خانة “العنف الاقتصادي” و844 حالة في إطار “العنف الجسدي”.


وشدد عضو مكتب مجلس المستشارين أنه بالرغم من الإصلاحات المنجزة والمكتسبات المحققة إلا أن المعركة ضد ظاهرة العنف تجاه النساء، تبقى متواصلة وتستدعي العمل بشكل أكبر من أجل ضمان انسجام التشريع الوطني مع المعايير الدولية المعتمدة، معتبرا أن هذه الظاهرة لا يمكن أن تتحقق إلا بإرساء ثقافة مجتمعية ترتكز على قيم وثقافة حقوق الإنسان وعلى مبادئ الإنصاف والمساواة بين الجنسين، وبضرورة تمكين النساء وتوفير الحماية لهن، مع تمتيعهن بكل حقوقهن الإنسانية.

وتبعا لذلك، كشف العربي المحرشي أن المجال الجنائي يعد ورشا إصلاحيا تنكب عليه مؤسسات الدولة التقريرية والاستشارية، تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس، وكان من أهم محاور ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وذلك بهدف جعل السياسة الجنائية الوطنية أداة لصيانة الحقوق والحريات كما هي متعارف عليها دوليا، مؤكدا أن الدستور شكل منطلقا لإصلاح العدالة الجنائية، بما تضمنه من فصول تعزز مبدأ حماية الحقوق والحريات، وتؤسس لمبدأ المحاكمة العادلة، ولحق الحصول على تعويض عند حدوث ضرر ناجم عن خطأ قضائي فضلا على أن ميثاق الإصلاح تضمن تشخيصا دقيقا لمكامن الضعف الحاصلة على مستوى العدالة الجنائية.

وقال المحرشي “بغرض استكمال الرؤية الإصلاحية القائمة على مقتضيات الدستور وعلى فلسفة صيانة حقوق وحريات الأفراد، فإن الأمر يقتضي منا إعمال التفكير الجماعي، ونحن بصدد مناقشة مشروع القانون الجنائي، لبحث نطاق ومجالات ملائمة التشريع الجنائي مع مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان وجعله مستجيبا لالتزامات المغرب الدولية في هذا المضمار”، مضيفا “من بين المجالات الأساسية التي يمكن أن ينصب حولها النقاش، هي فلسفة القانون الجنائي الحالي وأولوياته وبنيته وتبويبه ولغته، وكذا مسألة التناسب بين الأفعال المجرمة والعقوبات المقررة لها، بالإضافة إلى وضع إجراءات ووسائل إثبات جديرة بضمان حماية النساء ووقايتهن من كل عنف أو تمييز…”.

سارة الرمشي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.