ندوة الالتقائية بين الجماعات في مواجهة كورونا .. تأكيد على تظافر الجهود لإنجاح الأوراش المستقبلية وتمكين الفاعل الترابي من صلاحيات وإمكانيات أكبر

0 853

نظمت، مؤسسة غابرييل غارسيا ماركيز بالمغرب، أمس الجمعة 29 ماي الجاري، ندوة رقمية “عن بعد”، حول موضوع: “أي تنسيق وإلتقائية ما بين الجماعات الترابية في تنسيق الجهود لمواجهة جائحة كورونا”، بمشاركة رئيسة جهة طنجة تطوان الحسيمة السيدة فاطمة الحساني، ورئيس المجلس الإقليمي للعرائش السيد مصطفى الشنتوف، ورئيس الجماعة الترابية لتطوان د.محمد إيدعمار، والرئيس المنتدب للمؤسسة المنظمة د.أيمن الغازي.

– الغازي: الحاجة ملحة اليوم لتكتل أكبر للفاعلين الترابيين لاكتساب صلاحيات أخرى وموارد قادرة على الاستجابة للاحتياجات اليومية للمواطن

بداية الندوة التي أطر فعالياتها الباحث والفاعل المدني السيد سعيد شفيق، قدم في مدخلها الدكتور أيمن الغازي لمحــة عن مؤسسة غابرييل غارسيا ماركيز بالمغرب، والتي تأسست سنة 2017 بمدينة شفشاون، بمبادرة لمجموعة من الفعاليات الجمعوية بحضور كل من سفير دولة غينيا الاستوائية وسفيرة دولة بنما بالعاصمة الرباط، حيث أن هذه الالتقائية بين المغرب وغينيا الاستوائية ناجم عن كونهما البلدان الوحيدين الذين يشهدان تداولا واسعا للغة الإسبانية. وانطلقت فكرة تأسيس هذه المؤسسة من فكرة مفادها الاشتغال على ماض مشترك بين المغرب ودول أمريكا الجنوبية، إضافة إلى أنه اليوم –في زمن العولمة- فالتعاون بين الدول النامية هو فرصة حقيقية من أجل التكامل. ووجبت الإشارة بهذا الصدد إلى الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس سنة 2004 إلى عدد من دول أمريكا الجنوبية، زيارة شكلت منطلقا لتفعيل أفكار في اتجاه التعاون جنوب- جنوب خصوصا بوجود قوى صاعدة مثل المكسيك والأرجنتين. إضافة إلى أن المنطقة التي تضم دول أمريكا الجنوبية تضم كذلك من يروج لأطروحة “الانفصال” المعاكسة لتوجه الوحدة الترابية للمملكة المغربية، فكان لا بد من التوجه نحو هاته الدول والانفتاح عليها وفتح باب التواصل معها، إيمانا منا، يقول الغازي، بأهمية توضيح الرؤية أكثر والترافع عن عدالة قضية من صميم مقدسات بلادنا.

وذكر الغازي أن مؤسسة غابرييل غارسيا ماركيز بالمغرب، عملت بعد التأسيس على تنزيل مبادرات ذات صلة في مجال اشتغالها، حيث نظمت في شهر ماي سنة 2017، ندوة في مجلس المستشارين بالرباط ندوة حول موضوع: “إفريقيا ودول أمريكا الجنوبية .. من أجل التعاون جنوب- جنوب”، حيث شهد النشاط حضور جميع أعضاء السلك الدبلوماسي ممثلي دول أمريكا الجنوبية وسفراء مجموعة من الدول الإفريقية، وشكلت المناسبة فرصة لاستكشاف فرص التبادل بين دول المنطقتين خصوصا بوجود روابط ثاريخية وثقافية تمكن من تيسير التواصل بين شعوب الدول المعنية، وصولا إلى تحقيق الهدف أي شعوب تعيش في أمن واستقرار وكرامة. ثم قامت المؤسسة في وقت لاحق بزيارة البرازيل للمشاركة في أشغال المنتدى الاجتماعي العالمي سنة 2018، ونظمنا لقاء بمدينة تطوان بحضور ممثلي الأديان السماوية الثلاث: (الإسلام، المسيحية، اليهودية،)، مؤكدين أن بلادنا كانت وستظل بلدا للتسامح بكل أشكاله.

وعلى صعيد آخر، وعلاقة بالموضوع الذي يشغل حاليا الرأي العام الوطني كما الدولي، أشار الدكتور أيمن الغازي، أن بلادنا تحقق عددا من النتائج الإيجابية في إطار التعاطي مع الوباء لكن ذلك لا يخفي بعض التمظهرات السلبية والتي من بينها انتقال معدل الإصابة بالوباء في الأسبوع الأول من ظهوره من 50 سنة إلى 35 حاليا وهو دليل على وجود بؤر إضافة إلى ضعف الوقاية وعدم احترام قواعد التباعد الاجتماعي. وعلى مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة، فعدد الإصابة يقارب ال 1080 إصابة فيما تحتل مدينة طنجة موقع الصدارة من حيث الإصابات، ومن ضمن ال 1080 إصابة سجلت 906 حالة شفاء. ودعا المتحدث بهذا الصدد إلى مزيد من توخي الحيطة والحذر والالتزام بقواعد النظافة والوقاية حماية للصحة وحفاظا على السلامة.

الغازي، أشار إلـــى أن المؤسسة تعمل في كل مناسبة على التعريف بنماذج رائدة على مستوى العالم في مجال التدبير الترابي، خاصة في ظل الرؤية الملكية القاضية بكون الجهوية المتقدمة هي الورش الإصلاحي الذي يجب بناء النموذج التنموي على أساسه. وفي نفس السياق طرح المتحدث إمكانية تشكيل إطار جمعوي يضم عضوية رؤساء الجهات والمجالس الإقليمية والمجالس الجماعية يشكل ضغطا أكبر على الحكومة حتى ترفع هذه الأخيرة من سقف الإمكانيات المرصودة لفائدة الجهات والأقاليم والجماعات خاصة وأن الفاعل المحلي هو الذي يمارس سياسة القرب المرتبطة بالمعيش اليومي للمواطنين. إضافة إلى تمكين كل المؤسسات المنتخبة المشار إليها من صلاحيات أكبر تتماشى مع الوضعية الراهنة وما بعد الجائحة، (صلاحيات) تمنح لها إمكانية القيام بمهام وأدوار ذات صلة بقطاعات حيوية تشهد العديد من الإكراهات: الصحة، التربية والتكوين .. ما سيحقق لا محالة نتائج مهمة على عدة أصعدة.

– فاطمة الحساني: ما بعد كورونا يجب أن تكون مرحلة لبناء جهوية حقيقة وفعلية على أساس تعاقد جديد بين مجالس الجهات وباقي المؤسسات والمتدخلين

ومن جهتها، وجهت رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة السيدة فاطمة الحساني، في مدخل حديثها أصدق عبارات التعازي والمواساة للعائلة الصغيرة والكبيرة للفقيد عبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول الأسبق الذي وافته المنية أمس الجمعة، وأعربت الحساني عن شكرها وتقديرها لعموم المواطنين المغاربة وساكنة جهة طنجة تطوان الحسيمة على روح المواطنة والانضباط التي أبانوا عنها خلال فترة الجائحة، شكر وتقدير مماثل موجه كذلك للسلطات العمومية والقوات العمومية بمختلف تشكيلاتها والأطر الطبية والتمريضية وباقي المتدخلين على مستوى الصفوف الأمامية في مواجهة الوباء. ونوهت المتحدثة بفعاليات المجتمع المدني التي عملت على تنظيم ندوات تواصلية “عن بعد” من أجل تعميق النقاش وتحريك المشهد العام الوطني وإخراجه من رتابته لمعالجة مجموعة من القضايا ذات الراهنية وعلى رأسها الشأن العام وخاصة منه الشأن الترابي المتصل بتدبير الجائحة، الأمر الذي مكن المواطن من التعرف على الصورة التي دبرت بها الجماعات الترابية -كل واحدة من زاويتها وتموقعها- هذه الجائحة.

إلى ذلك، ذكرت الحساني أن الأزمة كانت “فجائية” واكتسحت دول العالم، بما في ذلك دولا تقطن بها جالية مغربية واسعة، وهي ذات الدول التي تحتضن اليوم مجموعة من المواطنين المغاربة “الزوار” الذين مازالوا هناك عالقين في انتظار إيجاد الحل المناسب لوضعيتهم. وفي نفس الإطار عبرت الحساني عن تفاؤلها الكبير بقدرة بلادنا على التعامل مع الوباء بفعالية أكبر لتجاوز حالة الخطر، مؤكدة على أن المغرب كان استباقيا في محاربة الوباء بفضل حكمة وتبصر الملك محمد السادس الذي أعطى توجيهاته السامية لتفعيلها قرارات مهمة على أرض الواقع ومن ضمنها إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية بغض النظر عن كلفة ذلك فالــأهـــم هو الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم .. مضيفة بالقول: “نشعر اليوم بالفخر والاعتزاز وسط هذا الزخم من مبادرات وإنجازات أطرنا وكفاءاتنا وباقي المؤسسات والمتدخلين وعموم المواطنات والمواطنين المغاربة، وساكنة جهة طنجة تطوان الحسيمة على وجه الخصوص.

رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة أوضحت أن تدخل المجلس في مواجهة الجائحة كان طابعه “استعجاليا” من خلال إيجاد صيغ ملائمة للتصدي لهذه الجائحة والتخفيف من آثارها خصوصا على الساكنة والحيلولة دون تفشي هذا الوباء الذي يظل “غامضا”، مشيرة إلى غياب مقتضى قانوني يؤطر تدخلات الجهة في مثل هذه الحالات الاستعجالية، لافتة إلى أن القطاعات الوزارية على المستوى المركزي خاصة: الداخلية، الصحة، وزارة الاقتصاد والمالية، وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي والـخضر، كانت هي الأخرى مضطرة لإصدار منشورات ومراسيم لتدبير هذه الجائحة دون انتظار انعقاد دورة البرلمان (مرسوم بقانون الخاص بإعلان حالة الطوارئ الصحية نموذجا).

وأبرت الحساني، أنه وفي غياب هذا المقتضى القانوني، استند مجلس الجهة على نص أسمى وهو الدستور الذي ينص في الفصل 40 على أنه “على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”.

وبما أن الأمر يتعلق بتدبير مــــال عـــام، فإن المرحلة كانت تقتضي التريث، تقول الحساني، حتى انتظار التوصل بدوريتين لوزارة الداخلية، تنص أولاها على أنه يحق لمجالس الجهات القيام بتحويلات على مستوى ميزانياتها أو إعادة البرمجــــة أو فتح الاعتمادات من أجل القيام بتدابير لمواجهة هذا الوضع الاستعجالي. فيما أوصت الدورية الثانية بالتدبير الأمثل وترشيد نفقات الجماعات الترابية برسم سنة 2020. وذكرت رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة أن الدورية الأولى كانت هي الأهم بالدرجة الأولىى حيث سمحت بالتحويل جون الرجوع إلى المجالس التداولية (لم تسمح ظروف الحجر الصحي بعقدها)، مع التأكيد على التنسيق مع سلطات الولاية (ولاية الجهة)، بالإضافة إلى أن النفقات والاعتمادات يجب أن تصب بشكل كلـــي في مواجهة الجائحة. وعلى مستوى المساطر، تم تنفيذ تنزيل هذه الاعتمادات عن طريق مسطرة الصفقات التفاوضية التي ينص عليها مرسوم الصفقات العمومية.

واسترسلت الحساني مؤكدة على أن تدخل الجماعات الترابية حضرية كانت أم قروية (خاصة الحضرية التي تمارس سياسة القرب) في هذا الوضع الاستعجالي، (التدخل) يصب في مجال تخصصها، فالشرطة الإدارية ومهام أخرى هي من صميم المجالس الجماعية، فيما يمكن للمجالس الإقليمية أن تتدخل على المستوى الاجتماعي، بينما المجالس الجهوية لها اختصاصات أخرى ضمن إطار أوسع (التنموية الجهوية، إعداد التراب)، ورغم ذلك حرص مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة من خلال تدابير وإجراءات بتنسيق مع السلطات وكان “التدخل الاجتماعي” من خلال تقديم مساعدات غذائية للأسر المتضررة من الجائحة (قرارات اتخذت بمساهمة كل أعضاء المجلس) على مستوى عمالتي وأقاليم الجهة بمعدل 8500 قفة لكل عمالة وإقليم من باب إحقاق “العدالة المجالية”، وجرى تسليم هذه المساعدات تحت إشراف السلطة المحلية على مستوى كل جماعة ترابية من عمالتي وأقاليم الجهة حفاظا على كرامة الأسر وتفاديا للاختلاط وتفعيلا لتدابير الحجر الصحي. كما خصص المجلس مساعدات غذائية لحوالي 1000 أسر تضم المهاجرين، اللاجئين وطالبي اللجوء القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء (بالنظر إلى أن الجهة تعتبر منطقة عبور)، حيث أنهم يعيشون أوضاعا تفاقمت مع فرض حالة الطوارئ الصحية.

وجرى تنزيل هذه المبادرة من باب تأكيد التعاون بين المغرب وباقي الدول الإفريقية وانسجاما كذلك مع التوجيهات الملكية السامية بهذا الشأن، وتمت عملية توزيع المواد الغذائية على هذه الفئة بتنسيق مع السلطات المحلية وفعاليات جمعوية مشتغلة في مجال الهجرة واللجوء. كما أن مجلس الجهة يعمل عن طريق هذه المبادرة على تفعيل اختصاصاته فيما يخص الإدماج والنوع الاجتماعي والتنزيل الجهوية للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.

كما انصب تدخل مجلس الجهة على مجال التعقيــم حفاظا على سلامة وصحة الساكنة، حيث تم اقتناء 8 شاحنات صهريجية مخصصة لهذا العرض، إضافة إلى توزيع 16 طنا من مواد التعقيم على عمالتي وأقاليم الجهة (بمعدل 2 طن لكل عمالة وإقليم)، في حين وضعت الشاحنات رهن سلطات الولاية وبالضبط مصلحة حفظ الصحـــة من أجل أن تشرف على عمليات توجيهها (الشاحنات) لتقوم بمهامها على مستوى عمالتي وأقاليم الجهة وفق برنامج محدد أساسها تعميق الشوارع والأزقة، ومختلف المرافق.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أبرزت الحساني أن تدخل المجلس تمثل (مع الاستفادة من فترة الحجر الصحي ومساهمة أطر الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع) في إنجاز دراسات بالنسبة للمشاريع قيد الاشتغال تهم البرامج التنموية للجهة، في حين أن الدراسات التي كانت معدة سلفا جرى إطلاقها بالتزامن مع التوصل مع طلبات العروض بشأنها وبالفعل رست العديد من الصفقات لصالح شركات، ومباشرة بعد رفع حالة الطوارئ الصحية ستنطلق الأشغال في الأوراش، وهذا الأمر سيساهم لا محالة في حماية المقاولات الصغيرة والمتوسطة دعما لها ومساندة لها. وأكدت الحساني أن عمل المجلس لم يتوقف طيلة فترة حالة الطوارئ الصحية، بحيث تدخل في مجالات ليست من صميم اختصاصاته، وفي نفس الوقت تدخل في مجالات الاختصاص اعتمادا على مجموعة من الآليات والأدوات ومن ضمنها “الرقمنة”.

الحساني أشارت إلى أن جمعية رؤساء الجهات ساهمت في الصندوق الخاص بمحاربة جائحة كورونا ب 1.5 مليار درهم، وهو ما يبرز الدور الفاعل والأساسي للجـــهات من باب الانخراط في الجهود الوطنية الخاصة بمحاربة الجائحة، مساهمات سيتم اقتطاعها من ميزانيات الجهات وسينعكس الأمر على مواردها، وبالتالي فإن هذا الوضع سينجم عنه تغيير في الأولويات علما أن هناك في الأصل دورية لوزارة الداخلية تتحدث عن التدبير الأمثل للنفقات، وترتبط هذه الأولويات بضمان استمرار نفقات التسيير (أجور الموظفين والأطر ..) إضافة إلى نفقات أخرى ضرورية مع بعض الأولويات التي تتعلق بمشاريع معينة. وعبرت الحساني عن تفاؤلها في أن تنتهي الجائحة قريبا حتى يكون الأثر قليلا.

إلى ذلك، سجلت الحساني عن كون برامج التنمية الجهوية في بلادنا انطلقت بسقف طموحات عالية بالنظر إلى أن الأمر يتعلق ب “لحظة تأسيسية”، وطالبت في هذا السياق بإعادة النظر في اختصاصات مجالس الجهات لتحديد الأولويات لأن الاختصاصات الراهنة تعتبر “فضفاضة” ومتداخلة مع اختصاصات حكومية. فالاتفاقيات التي أبرمها مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة تغطي جميع القطاعات: الصحة (التي يدخل بها طرف في الاتفاقية ب 0 درهم، في حين تكون مساهمة المجلس ماليا 100 في المائة) ، الرياضة … وأضافت الحساني بالقول: “إن مرحلة ما بعد جائحة “كورونا”، يجب أن تكون مرحلة لتفعيل جهوية حقيقية وفعلية، تمارس في إطارها مجالس الجهات اختصاصات كاملة وتحدد بموجبها أولوياتها بناء على موارد مالية قارة وذاتية، على اعتبار أن المشاريع المهيكلة للجهات تحتاج إلى موارد مالية مهمة، إضافة إلى إدارة حقيقية قوية قادرة على التكيف مع المنظور الجديد للتدبير الجهوي”.

وأشارت رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة إلى أن القوانين المنظمة لعمل الجماعات والجهات في الحاجة إلى التعديل والتنقيح وخاصة فيما يتعلق بالاختصاصات، حتى تكون المرحلة المقبلة عبارة عن بداية حقيقية للجهوية الفعلية. كما أن الوضع الذي فرضته جائحة كورونا، أظهرت هشاشة التدبير الترابي للجماعات، نظرا لعدم توفرها على اختصاصات كاملة للقيام بالصلاحيات التي تقتضيها الظرفية. مؤكدة على التنزيل الجيد للجهوية المتقدمة كمدخل لإنجاح النموذج التنموي الجديد المنتظر ببلادنا. كما تنضاف إلى ورش الجهوية المتقدمة جملة من الأوراش الإصلاحية الأخرى خصوصا في ظل الظرفية الحالية التي أبانت عن روح مواطناتية عالية وثقة كبيرة لدى المواطن في المؤسسات وتدخل قوي جد إيجابي للدولة في عدة مجالات وقطاعات.

وخلصت الحساني إلى أن النقاش الذي دار في الندوة فرصة للمأسسة، فرصة مواتية لإعادة ترتيب مجموعة من الأمور على مستوى الأدوار والتدخلات، واعتبرت أن مرحلة ما بعد كورونا التي تتزامن مع نهاية الولاية الانتدابية ترابيا وتشريعيا، نحتاج معها، إلى وقفة تأمل لاستشراف القادم، والقيام بتخصيص آني لتحديد حجم الخصاص في كل المجالات، مع ضرورة تظافر الجهود لتزيل حقيقي لمضامين الدستور فيما يتعلق بتدبير التراب كفضاء يضمنا جميعا، مع إدماج باقي المتدخلين -في إطار تعاقد جديد- (عقود البرامج) من بينها السلطات المحلية، المجتمع المدني، إضافة إلى الدور الذي يلعبه القطـــاع الخاص والذي تجلى بوضوح أكبر مع جائحة كورونا. والتأكيد على الاشتغال على متطلبات الإنسان، فهذا الأخير هو أساس كل تنمية بشريــــة.

– مصطفى الشنتوف: الرهان القادم يجب أن يتأسس على الاستشراف بفكر جديد لبناء مجتمع أكثر تماسكا يحارب اليأس وينشد ممارسة سياسية جادة ومسؤولة وأفق مدني مسؤول.

من موقعه، أثنى رئيس مجلس إقليم العرائش السيد مصطفى الشنتوف، على شخص الراحل عبد الرحمان اليوسفي معتبرا إياه من القلائل الذين مارسوا “السياسة بأخلاق” موجها بدوره تعازيه الصادقة إلى كل رفاق اليوسفي وإلى كل الغيورين على المسار الديمقراطي في بلادنا. كما ترحم الشنتوف على كل المواطنات والمواطنين المغاربة الذين وافتهم المنية بسبب وباء “كورونا”، ودعا في سياق متصل إلى مزيد من الحذر والصمود في مواجهة الجائحة خاصة في ظل ما هو معاش جهويا، وطنيا، جهويا وإقليميا .. فهذا الوضع يضع المواطنات والمواطنين المغاربة أمام مسؤولية ذاتية، معتبرا أن الحجر الصحي (حالة الطوارئ الصحية) كان من ضمن التدابير الاحترازية التي كان لها وقع كبير لإدراك الخطر الذي يتربص بنا.

الشنتوف، قال إنه في الوقت الذي كان يتسرب فيه اليأس والشك إلى نفوس المغاربة تجاه العديد من المؤسسات والممارسات، فإن الأزمة الراهنة تصاعد معها منسوب “تمغربيت” وهناك مجال للتفاؤل والثقة في المغاربة خصوصا تجاه من يوجدون في موقع المسؤولية، كما تحركت روح تضامنية وطنية عالية في مواجهة الوباء. وبهذا الخصوص أثنى الشتنوف على كل الرجال والنساء الذين تواجدوا في الصفوف الأمامية لمواجهة الوباء على امتداد التراب الوطني وخاصة في إقليم العرائش.

رئيس مجلس إقليم العرائش، اعتبر أن المبادرة الملكية القاضية بإحداث الصندوق الخاص بمكافحة جائحة كورونا كانت فريدة من نوعها وكان لها وقع كبير على نفوس المغاربة مواطنين ومسؤولين، صندوق أجاب على واقع الوضعية الاجتماعية التي تعيشها بلادنا خصوصا في ظل اتساع حجم الهشاشة. وساهم في صمود شريحة كبيرة من المواطنين في وضعية الحاجة خاصة وأن حالة الطوارئ الصحية تقارب اليوم شهرين ونصف وعجلة الاقتصاد الوطني متوقفة، ولكن التلاحم بين المغاربة المسجل خلال الجائحة كان له دور كبير في التخفيف من تبعاتها على عدة مستويات. وفي السياق أشار الشنتوف إلى أن العديد من الجهود التي بذلت على مستوى العديد من القطاعات الحيوية منذ بداية تفشي الوباء وخاصة قطاع الصحـــة، وعلى هذا الأساس بادر مجلس إقليم العرائش إلى القيام بكل ما من شأنه جعل المؤسسات الاستشفائية قادرة على استقبال المصابين بفيروس كورونا، كما أن دورية وزارة الداخلية الخاصة بتحويلات النفقات والاعتمادات ساهمت في تيسير مجال تدخلات مجلس إقليم العرائش على غرار باقي المجالات الترابية في الجهة والمغرب ككل، تدخلات يجب المنتخبون أنفسهم عاجزين على القيام بها (قبل تفشي كورونا). ورغم ضعف بنيات الاستقبال والتجهيزات والإمكانيات لا بد من التنويه بالجهود الاستثنائية التي بذلتها الأطر الطبية والتمريضية بالعرائش في مواجهة هذا الوباء.

وشدد الشنتوف على أن تدخل المجلس الإقليمي كان أساسه الروح الوطنية وأداء الواجب الذي تفترضه اللحظة بعيدا عن أية مزايدة سياسية لأنه لا مجال للحديث عن مكتسبات في ظل الأزمة. وقال رئيس مجلس إقليم العرائش أنه لم يكن هناك أي تنسيق بين الجماعات الترابية في مواجهة الجائحة، حيث أن كل جماعة على حدا تدخلت في مجالها الترابي بإشراف من السلطات المحلية. مؤكدا على أن الرهان القادم يجب أن يتأسس على الاستشراف بفكر جديد لبناء مجتمع أكثر تماسكا يحارب اليأس وينشد ممارسة سياسية جادة ومسؤولة وأفق مدني مسؤول.

الشنتوف، ذكر أن مجلس إقليم العرائش بادر إلى توفير الإيواء والتغذية بالنسبة للمشردين وعدد من الأشخاص في وضعية صعبة، وقد تحمل المجلس المسؤولية بهذا الخصوص رغم أن ذلك لا يدخل في مجال اختصاصه، لكنه بالأساس يدخل في صميم “التضامن الوطني”. واسترسل مشيرا إلى أنه في حالة النجاح في التأسيس لممارسات جادة وفاعلة حتى تؤدي المؤسسات الترابية المنتخبة دورها المنوط بها، فإن ذلك سيكون من صميم نجاح التجربة الجديدة للتدبير الجماعي، الإقليمي والجهوي. وبخصوص برامج العمل اعتبر الشتنوف أن بلادنا اليوم في حاجة إلى بناء منظومة صحية على مستوى الجهات، إضافة إلى تنزيل منظومة تربوية أساسها المواطنة والارتباط بالوطن، وإحقاق العدالة لزرع مزيد من الثقة، وكذا العمل على رصد الوضعية الاجتماعية في بلادنا والتحديد الشامل للفئات الهشة من أجل الحسم في سياسة ناجعة للتعاطي مع هذا الواقع على أساس موضوعي أساسه المؤشرات والأرقام. كما أن هناك اليوم انتظارات من أجل وصول نخب وكفاءات للتدبير، تدبير الشأن العام الوطني والمحلي من باب تعزيز برامج العمل بشكل استراتيجي وأكثر فاعلية.

الشنتوف، خلص إلى أن تنزيل مضامين النصوص القانونية المرتبطة بعمل الجماعات يحتاج إلى استراتيجية عملية تراعي ربح الوقت، أي أن الفرق شاسع بين النظري والتطبيقي، وحتى في حال الإنجاز فإن الأمر لا يتوقف على الشكل فقط بل يستوجب المواكبة البعدية، فإنجاز مستشفى مثلا لا يتوقف عند البناية بل يتطلب وجود أطر طبية وتمريضية ووجود تجهيزات ومستلزمات طبية (سيارات الإسعاف، الأدوية …) وباقي شروط إنجاح عمل المستشفى، خصوصا في ظل تنامي الطلب على الخدمات الصحية.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.