الغلبزوري: احترام القانون واستقلالية القرار مدخلان أساسيان لتفعيل الديمقراطية الداخلية داخل الحزب

0 1٬296

حل، الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة السيد عبد اللطيف الغلبزوري، مساء يوم السبت 23 ماي الجاري، ضيــــفا على عضوي المجلس الوطني للحزب السادة محمد صولوح وهشام عيروض، وذلك ضمن الندوة التواصلية المباشرة (عن بعد)، في إطار حلقة جديدة من مبادرة PAM TALKS، والتي خصصت لموضوع: ” الممارسة الحزبيـــة وسؤال الديمقراطية الداخلية”.

بداية المسار الدراسي .. من امزورن إلى طنجة !

جوابا على أول سؤال دأب مؤطرا الندوة على طرحه، أي تقديم ما “بروفايل” عن مسار الضيف في الدراسة وغير ذلك، قال الغلبزوري إنه من مواليد تلك القرية النائية المسماة تماسينت الواقعة في الجماعة الترابية امرابطن بإقليم الحسيمة، أمضى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي ما بين تماسينت وامزورن قبل أن ينتقل إلى طنجة بمعية العائلة.

يتذكر الغلبزوري سنوات الدراسة بامزورن، فيقول أنه كان مقتنعا بمعية رفاق الدرب حينها من زملاء الدراسة بالعديد من الأفكار والتصورات وخلقوا دينامية متميزة، ولكن للأسف مسؤولي ثانوية امزرون حيث كان يدرس والسلطات المحلية آنذاك (بداية الثمانينات) ومندوبية التعليم لم يعرفوا كيفية التعامل مع هذه الدينامية التلاميذية، ونهجوا التلاميذ أساليب بعيدة عن ما هو تربوي، حيث اتخذوا قرارات مجحفة في حق هؤلاء التلاميذ تراوحت ما بين الطرد والتنقيل التعسفي إلى أقاليم أخرى. وفي تلك المرحلة كان من الممكن أن تكون الأمور أفضل لولا تلك الممارسات التعسفية، حيث أن العديد من التلاميذ لم يتمكنوا من استكمال دراستهم كحق مشروع، يتسرسل المتحدث.

كلية الحقوق بظهر المهراز- فاس .. الحلم الذي تحول إلى حقيقة

بعد حصول على شهادة الباكالوريا في شعبة الآداب العصرية سنة 1991 بمدينة طنجة، سيتوجه عبد اللطيف الغلبزوري لاستكمال دراسته الجامعية بكلية الحقوق- جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس ظهر المهراز. حيث أن طنجة كانت تغيب فيها الجامعة وكانت أقرب كلية من حيث المسافة الفاصلة هي كلية الآداب بتطوان، لكن شغف عبد اللطيف بعالم الحقوق كان كبيرا، إضافة إلى الحاجة لنوع من الاستقلالية في هذه المرحلة من العمر وفي نفس الوقت التعرف على بيئة أخرى.

الغلبزوري يثني على تميز التجربة ويعتبرها مفيدة جدا، هي مجال لاكتشاف عالم آخر، هذه التجربة طبعت مساره بشكل كبير حتى بعد التخرج. وبخصوص اختيار دراسة الحقوق، يوضح المتحدث أن التأثير جاء من مجموعة من الأصدقاء الذين سبقوه إلى الجامعة وأغلبهم تسجل في الحقوق والعامل الثاني كان الإقبال كثيرا على الحقوق، ليخلص إلى أن ظهر المهراز كانت بمثابة حلم وتحقق ، أحببت الجو الجامعي.

في الجامعة، كان عبد اللطيف وعلى غرار أغلبية الطلبة المنحدرين من الحسيمة ومدن أقاليم الشمال ومغرب الهامش، (كان) متعاطفا مع التوجه اليساري والممثل عن طريق فصيل الطلبة القاعديين.

أولى بوادر العمل الحزبي

يقول الغلبزوري: “بدأت العمل الحزبي من داخل اليسار الاشتراكي الموحد وقبله حركة الديمقراطيين المستقلين التي أسسها طلبة جامعيون، أسسنا فرعا بطنجة، كنت عضوا فيه، وظل هذا الأخير يقوم بأنشطة مهمة. وفي مرحلة لاحقة تكتلت الفصائل اليسارية الأربعة حيث سيتم تأسيس حزب اليسار الاشتراكي الموحد خلال المؤتمر المنعقد سنة 2002”. لكن الغلبزوري لم يمضي وقتا طويلا في هذه التجربة، حيث أنه وبعد سنتين من لحظة التأسيس، سيقرر ابن تماسينت مغادرة سفينة اليسار الاشتراكي الموحد.

العمل الجمعــــوي والطريق نحو مهرجان “ثويزا” الرائد إقليميا ودوليا

خلال مساره في الحياة، انخرط الغلبزوري عضوا نشيطا في العديد من الجمعيات، حدث ذلك حتى قبل أن يلتحق بالجامعة (نادي الفن السابع بطنجة، جمعية فرع خريجي جامعة فاس …).

في سنة 2003، سيؤسس الغلبزوري بمعية العديد من الأصدقاء جمعية ثويزا للثقافة الأمازيغية بطنجة، وفي سنة 2005 ستطلق الجمعية تجربة مهرجان “ثويزا” من أجل إعطاء منظور جديد لتنظيم المهرجانات على المستوى الوطني، “ثويزا” بطنجة إلى جانب “تيميتار” بأكادير وجهان يمثلان الريادة على مستوى المهرجانات الأمازيغية عبر العالم.

مهرجان “ثويزا” له أهميته من حيث الاهتمام بالموسيقى والغناء مع التركيز على أمور أخرى، وأساسا تنظيم ندوات ثقافية بمشاركة أهم المفكرين شرقا وغربا، مع التكريس لتقليد تخليد مجموعة من الأسماء الفكرية والثقافية وعلى رأسها الروائي “محمد شكري” وهي التجربة -على سبيل المثال- التي أثمرت تأسيس مؤسسة محمد شكري بطنجة. المهرجان، يوضح الغلبزوري، تجربة مستمرة حيث التركيز على ما هو ثقافي على اعتبار أنه جاءت ظروف كان فيها من الصعب تنظيم سهرات غنائية، وهو أي مهرجان “ثويزا” مبني على فكرة تنوع الثقافة وتعدد المشاركات من دول مختلفة ومرجعيات مختلفة.

الانخراط في حزب الأصالة والمعاصرة

يعتبر الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة أن الانتماء تحكمه العديد من العوامل يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي بالفكري .. وتجربة البام دخلها المتحدث مع مجموعة من الإخوة والأصدقاء الذين تقاسم معهم سابقا العمل الجمعوي والحزبي. والحال أن البام (سبقته حركة لكل الديمقراطيين) تأسس على قناعات لم تكن غريبة عن الغلبزوري ورفاقه خصوصا في بعض الجوانب المتعلقة عن رفع التهميش عن النخب في المغرب، ممارسة السياسة بشكل مغاير، وإحقاق العدالة الاجتماعية والترافع عن حقوق الإنسان ..

وأضاف الغلبزوري في سياق متصل، أن الانتظارات والتطلعات كانت كثيرة، ولكن النتائج كانت أقل بكثير وذلك لأسباب مرتبطة بسياق تأسيس الحزب (المد الذي أحدثته حركة 20 فبراير) وأخرى مرتبطة بما هو ذاتي (صراعات، لحظات خلاف ..). ولكن رغم كل ذلك تمكن البام من تحقيق نتائج إيجابية (تشريعيات 2016) ومعارك الحزب كان لها تأثير وازن، والحزب أنتج نخبا جديدة تنحدر من أوساط اجتماعية فقيرة ومن مناطق مهشمة .. ولهذا يرى الغلبزوري أنه كيفما كان الحال، فالتجربة لم تكن سلبية، ويضيف: “مرت عشر سنوات، عشنا فيها أشياء كثيرة، ولكن نطمح إلى تعويض ما ضيعناه سابقا، أن نصلح حاليا عبر تكاثف الجهود، ونعتبر ما فات تجربة من الماضي .. فالبام في حاجة إلى كل مناضلاته ومناضليه للمضي نحو القادم”.

معتقلي حراك الريف ..

يقول الغلبزوري: ” شخصيا أراها تجربة مؤلمة جدا في تاريخ الريف وإقليم الحسيمة خصوصا، تنضاف إلى تجارب مؤلمة شهدتها المنطقة قبل الاستعمار، الخمسينات، الثمانينات .. وإبان مقتل محسن فكري الذي كان سببا رئيسيا في موجة الاحتجاجات سنة 2017، كان البام كان من الأوائل الذي تجاوب مع الحدث. كان مــــآل الاحتجاجات مؤسفا جدا، شباب حكم عليها بأحكام ..أرجو أن يطوى الملف بشكل ينصف المنطقة وان يطلق سراح المعتقلين في القريب العاجل، فهذا ملف يدمي قلوبنا كل لحظة وخصوصا كلما حلت مناسبة معينة.

سر الخيط الناظم للتأثر بمحمود درويش

الشاعر محمود درويش رفيقي في الكثير من لحظات الحياة وخاصة لحظات التأمل والحزن، يقول الغلبزوري، وقصائد درويش مسكنات لألم ينتاب المرء بين الفينة والأخرى .. درويش يستحق نوبل للآداب لولا كواليس اللعبة “الدولية” باعتباره حاملا لمشعل الصوت الفلسطيني الحالم بالحرية.

الديمقراطية الداخلية .. سؤال في حاجة إلى إجابة

يعتبر الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أن هذا الموضوع يجب أن يطرح في جميع الأحزاب وليس البام فحسب، فخطابات الأحزاب مليئة بالمفاهيم: الديمقراطية الحداثة ..، ولكن التطبيق والتنزيل أمر معضلة حقيقة. مضيفا: “في العالم أجمع هناك نوعين من التجارب الحزبية: الأنجلوساكسونية (بريطانيا) الأحزاب تنشط في غياب تدخل المشرع والأعراف هي المؤطرة، وفي المغرب كان الأمر مشابها إلى حد ما للتجربة البريطانية. لكن اليوم وبعد صدور القانون التنظيمي للأحزاب في بلادنا (التجربة الفرنسية: المشرع يحاول تأطير العمل الحزبي) بات من المفروض حاليا على الأحزاب احترام مواعيد المؤتمرات الوطنية، وتشكيل لجان الحكامة: التحكيم، الأخلاقيات، .. هذه المقتضيات ساهمت في الحد من التسيب الذي كانت تعيشه الأحزاب (استمرار القيادة الحزبية لسنوات ..)

ومع ذلك سؤال الديمقراطية الداخلية مطروح ويطرح كل مرة، فنحن نطالب بها، نطالب بانتخابات ومؤسسات ديمقراطية والحال أننا لا نطبقها، ننظم مؤتمرات نصادق على النظام الداخلي والقانون الأساسي ولكن لا نطبق، يجب أن نتحدث عن مسؤولية الجميع في التطبيق.

ويؤكد الغلبزوري أن الديمقراطية الداخلية تحيل على كون القرار الحزبي ينزل بمشاركة مناضلات ومناضلي الحزب، أي أن المؤتمر ينظم وفق قواعد ديمقراطية، والمجلس الوطني يجب أن يلعب دوره بهذا الخصوص، ثم يأتي دور باقي الهياكل: المكتب السياسي، البنيات التنظيمية جهويا، إقليميا ومحليا، باقي المؤسسات …

الديمقراطية الداخلية تستوجب احترام القانون، واحترام استقلالية القرار الحزبي من طرف الدولة ومن داخل الحزب ومن باقي الأحزاب، وتكوين أطر الحزب لفهم القوانين والضوابط التي تنظم العملية الحزبية.

في حين أن غياب الديمقراطية الداخلية لها عدة أسباب، من بينها غياب القرار الحزبي المستقل، كما أن الحزب الذي لا يحترم استقلالية حزب آخر فهذا ضرب للقرار الذي يمر عبر جميع المراحل وضرب للديمقراطية المنشودة. كما أن المعايير المتعلقة باختيار المرشحين هي من أسباب التأثير سلبا على تحقيق الديمقراطية الداخلية، فالقانون التنظيمي للأحزاب في المغرب يشير إلى مساطر معينة بخصوص الترشح تحت إشراف اللجنة الوطنية للانتخابات/ اللجنة الجهوية، ولكن التطبيق شيء والواقع شيء آخر.

البنية الحزبية في المغرب تطرح إشكالا، ومنظومتنا الحزبية في مجملها مختلة، يقول الغلبزوري، فتفعيل الديمقراطية الداخلية يستوجب العمل من داخل المؤسسة والمشاركة في التنظيم والحضور والخضوع للتأطير والتكوين الحزبيين كلها عوامل مؤثرة في تأهيل المرشح، ولكن عند لحظة الانتخابات يغيب من مر من كل المراحل المذكورة ويلوح اسم من خارج المتوقع.

البام .. الجموع العام في اختيار المرشحين

بالمقابل، لم يفت الغلبزوري الإشارة إلى أن القانون الأساسي لحزب الأصالة والمعاصرة، ينص على الجموع العامة الانتخابية في الدوائر من أجل تجويد عملية الترشح، فالجمع العام هو الذي يرشح، مشيرا إلى أن جهة طنجة تطوان الحسيمة كانت سباقة إلى تفعيل الجموع العامة سنة 2016. ولكن القاعدة العامة تطغى على الاستثناءات.

المسؤولية المشتركــــة في تفعيل الديمقراطية الداخلية

يرى عبد اللطيف الغلبزوري أن الدولة، الحكومة، الأحزاب، المجتمع .. كلهم مسؤولين عن تفعيل الديمقراطية الداخلية بشكل من الأشكال. الدولة تتعامل في بعض الأحيان مع الأحزاب بالمنطق المصلحي، هذا الأمر ليس في المغرب فقط ولكن في مجموعة دول العالم الثالث، اقتضاء مصلحة في مرحلة معينة يقتضي تعاملا معينا وهذا يناقض استقلالية القرار الحزبي كما تمت الإشارة سلفا.

وفي هذا السياق، دعا الغلبزوري إلى: ضبط العلاقة بين الدولة والحزب، وضبط علاقة الأحزاب فيما بينها، وضبط العلاقة الداخلية الحزبية، كما أشار إلى مسألــــة هامة أخرى تضعف القرار الحزبي ألا وهي مسألة التمويل من طرف الدولة، هذا الأمر يؤثر على استقلالية القرار الحزبي ويؤثر كذلك على الديمقراطية الداخلية.

ما بعد المؤتمر الوطــــــــــــني الرابع

اعتبر الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أن طموح مناضلات ومناضلي الحزب ما بعد انعقاد المؤتمر الوطني الرابع، تمثل في التأسيس لممارسة حزبية جديدة، احترام الديمقراطية الداخلية، تنزيل جيد للقانون الداخلي والنظام الأساسي، خصوصا في ظل الدينامية التي شهدتها أجواء ما قبل المؤتمر (مضامين نداء المستقبل).

جائحة كورونا كظرف قاهر أثرت على هذه الدينامية، ولا يمكن إنكار أن هناك تعثر لإخراج طموحات وتطلعات تمخضت عن المؤتمر. لكن التفاؤل يظل قائما، وبمجرد الخروج من الوضعية الحالية يجب انعقاد المجلس الوطني وانتخاب المكتب السياسي وباقي الهياكل إلــــى جانب تنظيم المؤتمرات الجهوية، ويجب أن نتعاون لتحقيق التطلعات، يقول المتحدث.

ثلاثـــــــــــة أسماء

– محمد بن عبد الكريم الخطابي:

“مولاي موحند”، في منطقة الريف وفي كل المغرب وشمال إفريقيا والعالم نعتبره عينا نستقي منها قيما ومبادئ ومجموعة من الأمور التي في الحقيقة ما أحوجنا إليها في هذا الظرف العصيب.

– أحمد عصيد:

مفكر حداثي عقلاني في المغرب له الجرأة والشجاعة في اقتحام مجموعة من المواضيع بمنهجية علمية، أعتبره من المثقفين الطليعيين في بلادنا.

– نبيلة منيب:

امرأة محترمة، استطاعت الوصول للأمانة العامة لحزب عين، للأسف تحاول أن تمارس السياسة بشكل أكثر من حجم حزبها وتتعامل بنوع من الفوقية والاستعلاء .. أرجو أن تعود إلى جادة الصواب.

مــــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.