المغرب في مواجهة أزمة كورونا..!

0 1٬042

المهدي بنسعيد

من البلوكاج الاقتصادي إلى تسريع نموذجنا التنموي الجديد

في ظل فترة الحجر المنزلي التي يقضيها المغاربة منذ أكثر من أسبوعين والتي تعتبر اختبارا لحسهم المدني، فترة تم فيها الإعلان عن حرب ضد عدو لا مرئي نعجز عن مواجهته حتى الآن لكننا ندرك مدى خطورته وعواقبه على صحة المواطنين.

وإذ تعد الأزمات محركا لعجلة التاريخ ونقط تحول خطيرة تفتح الباب أمام تغييرات جذرية، فإن النسيج الاقتصادي المغربي وعلى غرار الاقتصاد العالمي، يواجه أكبر تحد للعصر، حيث يجد الاقتصاد الذي بني في عدة عقود من الجهود والاستثمارات نفسه على حافة الهاوية نتيجة لهذه الأزمة الصحية ذات التداعيات الاقتصادية. فالشركات المغربية، التي كانت منذ فترة طويلة مجندة في دينامية التنمية الوطنية وبناء “الرفاهية” الوطنية، تتحمل العبء الأكبر من عواقب الأزمة الصحية الحالية.

الأكيد أن هذه الأزمة ليست أبدية، لكن السؤال المطروح اليوم هو عن مخلفاتها وقدرة اقتصادنا الوطني على تحمل صدمة كهاته، والتي من المؤكد أن الغد سيكون صعبًا، وسوف يستدعي نفس الروح المدنية ونفس الشعور الوطني الذي يمثل اليوم قوة شعبنا ويثير إعجاب جيراننا، فلقد أحيت هذه الأزمة “الأولوية الوطنية” وسلطت الضوء على مخلفات انسحاب الدولة من تسيير القطاعات الأولوية في مختلف الدول خصوصا الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من الضعف الشديد لنسيجه الاقتصادي، إلا أن بلدنا آمن في الوقت الحالي ولا يبدو أنه يعاني من خطر، لكن لن يكون بإمكانه الاعتماد فقط على الاستثمار الأجنبي المباشر لإعادة إنعاش الاقتصاد الذي أضعفته الأزمة، فإفريقيا التي تشكل رهانا أساسيا للاقتصاد المغربي ستخرج هشة للغاية من هذه الأزمة، إذ أن “التأهيل الاقتصادي” أو “التحول الاقتصادي” بالاعتماد على النماذج “الاقتصادية الجديدة”، المستدامة والخضراء، لن يكون في متناول الاقتصادات الهشة والمديونة في أعقاب الأزمة.

في إطار كل هذه التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، يجب توسيع جهود “التضامن الوطني” عبر الاستثمارات الوطنية، في ظل عودة “دولة الرفاهية” إلى الواجهة، حتى يتمكن سوقنا الداخلي من تعزيز نسيجنا الصناعي والاقتصادي…

في أعقاب الأزمة الحالية، سنحتاج إلى اقتصاد يحركه المواطن.

في أعقاب الأزمة الحالية، سنحتاج إلى تحدي حدود الممكن وتعزيز الابتكار.

لقد كان كوفيد19 مسرعًا للتحول الرقمي، سمح لنا بالتأكد من أن الدورات التدريبية عن بعد ممكنة، وأن بإمكانها النجاح. لقد أظهر لنا أنه يمكننا أن نبتكر، ونقوم بالبحوث، ونحقق نتائج جيدة. لقد أبان لنا أيضا أنه من خلال الثقة بأنفسنا، يمكننا أن ننجح ونحقق ما كنا نظنه مستحيلا.

غدا سيكون الوقت المناسب لتجاوز حدودنا، والاستفادة من معرفتنا والاستفادة القصوى من مهاراتنا لتجاوز الحدود الوهمية التي رسمناها لأنفسنا ولن يكون العالم كما كان مرة أخرى، إذن فلنقم بأفضل ما يمكن. لهذا، اليوم وغداً، دعونا نستهلك بحس وطني، ندعم الشركات المغربية ونتأكد من أن كل هذا كان في يوم من الأيام علامة مهمة لتاريخنا ومصيرنا المشترك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.