وسط غموض القرار الاقتصادي للحكومة.. الإفلاس يواصل إغلاق المقاولات المغربية

0 773

حالة من الكســـــــــــاد الخانق تعيشه المقاولة المغربية وخاصة منها الصغيرة والمتوسطة، كساد تعاظم منسوبه في الأشهر الأخيرة بسبب استمرار تفشي فيروس كورونا. والمقاول وصل إلى وضعية لا تطاق من التذمر والسخط، في ظل انسداد الأفق إلى انعدامه وعجز الحكومــــة عن إيجاد الحلول الكفيلة بإخراج المقاولة من وضعية الأزمة إلى وضعية الاستقرار.

تستمر الحكومة في تقديم – بين الفينة والأخرى- مقترحات “الحلول الترقيعية” التي لا تفي بالغرض في مواجهة إكراهات المقاولة المغربية وبالخصوص المقاولة الصغيرة والمتوسطة التي تأثرت بشكل كبير وعلى عدة مستويات، والواقع يشير في مستوى أكبر إلى أن عدوى الكساد والأزمة انتشرت (كما ينتشر فيروس كورونا بين المواطنات والمواطنين) حتى داخل المقاولات الكبيرة بتعدد واختلاف مجالات اشتغالها.

العديد من المقاولات والمقاولين اليوم المشتغلين في إطار مقاولات، باتوا يتحدثون اليوم على أن الأزمة “وصلت للعظم” ولم يعد الأمر يحتمل أكثر، ذلك أن عملية الإنتاج تراجعت بسبب الاضطرار إلى إغلاق أبواب هذه المقاولات لعدة فترات خلال مرحلة فرض الحجر الصحي وكذا تواصل فرض حالة الطوارئ الصحية من طرف السلطات العمومية.

تراجع الإنتاج، وتقلصت عملية التسويق بشكل ملحوظ وخاصة بالنسبة للمقاولات المرتبطة بالخارج حيث تشهد حركية السفر والتنقل العديد من الإكراهات التي لا مجال للتفصيل فيها على اعتبار أنها إكراهات تتقاسمها مجموعة من الدول عبر العالم، بسبب إغلاق الحدود واللجوء إلى هذا الإجراء كتدبير من شأنه الحد من انتشار الفيروس وتنقله عبر الحدود بين الدول.

تقلص الإنتاج، “حتى صرنا نعمل فقط من أجل دفع الضرائب ومتطلبات الضمان الاجتماعي الخاصة بالأجراء، وستعلن عدد من الشركات إفلاسها في الأشهر القادمة لا محالة، وأمام هذا الوضع ستزداد نسبة البطالة عما هي عليه اليوم، وسيساهم هذا الوضع في توسع دائرة الاحتقان الاجتماعي بدون شك، وسنكون وقتها ملزمين بالتعاطي مع إشكالية أو بالأحرى إشكاليات أخرى مختلفة لكن مترابطة فيما بينها لكن تصب في منحى واحد ألا وهو الأزمة الاجتماعية”، تقول المقاولة لبنى.غ

وتضيف نفس شهادة المقاولة بهذا الصدد، على أن الحكومــــة يفترض فيها بسبب الأزمة الراهنة، وحتى تتمكن المقاولة من مواصلة المشوار وتثبيت فرص الشغل للمئات والآلاف، (يفترض فيها) العمل في اتجاه التخفيف من حجم الضرائب المفروضة على المقاولة كإجراء من شأنه المساهمة في ضمان نوع من التوازن بالنسبة للمقاول، واستمرار مساهمة هذا الأخير في ضمان فرص الشغل بالنسبة لفئة كبيرة من المواطنات والمواطنين.

معاناة المقاولــــة المتوسطة والصغيرة لا تختلف بدورها كما سلف عن معاناة المقاولة الكبيرة، وضمن ذلك المقاولات المشتغلة في مجالات مرتبطة بالسياحة، فهذه الأخيرة تعيش وضعية كساد مقلق جدا، جراء تراجع الطلب على خدماتها بسبب استمرار فرض حالة الطوارئ الصحية، كما الشأن بالنسبة لمجالات: كراء السيارات، النقل السياحي، المطعمة السياحية، الصناعة التقليدية بكل تصنيفاتها الحرفية …

وبهذا الخصوص، يوضح المقاول عبد اللطيف كوروط، أن الأوضاع ليست بخير داخل المقاولة المتوسطة والصغيرة، فشركات القروض والأبناك بدأت تتحرك للحجز على أملاك التجار والشركات والمقاولات خاصة الصغرى والمتوسطة. وتراكم الديون على المقاولين يفاقم الإشكال أكثر فأكثر والحلول الحكومية لا خبر عنها في الوقت الراهن، بينما يبادر المقاول بشكل ذاتي للبحث عن الوساطة من أجل تأمين تلك القروض التي تشكل حقا مصدر قلق يومي للمقاول، تأمينها وإعادة جدولتها بما تيسر من الشروط، رغم أن الحل ليس فعالا وإنما يظل مؤقتا فقط.

ويضيف كوروط أن الإكراهات باتت تفرض نفسها في العلاقة ما بين المقاول والموردين، بحيث يطرح في هذا الإطار المشكل الذي عمليتي الاستيراد والتصدير، فهذه العملية شبه متوقفة فيما يخص بعض السلع وكذلك فالعديد من المواد التي يتم استيرادها ارتفع ثمنها في الأسواق بسبب الندرة. وينضاف إلى كل ذلك الهاجس المتمثل في دفع رواتب المستخدمين، فعدة مقاولات بالكاد “تقاوم” من أجل مواصلة عملية تمكين المستخدمين من رواتبهم بشكل قار، بينما اضطرت مقاولات أخرى لتقليص مستخدميها أو اللجوء إلى خيار “التسريح” مع ما يفرضه من مأساة اجتماعية بكل ما في الكلمة من معنى، يسترسل كوروط، فالمستخدم على عاتقه متطلبات أسرة أو أفراد، وتسريحه من العمل يعني الدخول في دوامة من المشاكل اللصيقة بالعيش اليومي، خاصة مع التراجع الملحوظ في سوق الشغل وقلة الفرص المتاحة مع كثرة الطلب.

النقطة الموالية، يقول كوروط، تتعلق بكون المصاريف الثابتة والضرائب كلها تتزايد يوما بعد يوم وتثقل كاهل المقاولات والتجار، ولا اقتراح جدي يبعث على التفاؤل للخروج من الأزمة الآن، بحكم أن أكبيرة وجميع القطاعات شبه متوقفة أو تشتغل في الحدود الدنيا، وعدد كبير من المقاولين يبكون في صمت وماضون (لا قدر الله) نحو الإفلاس و لا يستطيعون تحريك ساكن. والعمال الذين سرحوا أو يتم تسريحهم لا أحد يلتفت إليهم، والمؤسف المؤلم أن عددا من المقاولين اليوم بدؤوا ببيع ممتلكاتهم لتأمين قوتهم اليومي وليس للاستثمار، ذلك أن فئة كثيرة منهم لم تعد قادرة حتى على أداء أقساط أبسط متطلبات الحياة ومستلزمات الاحتياجات اليومية.

نافلة القول وخلاصته، هي أن الحكومة اليوم تتعامل مع الوضع بإيقاع بطيء جدا عبر نهج إجراءات لا تخدم المقاولة بل هي عبارة عن حلول تخدم فئات أو قطاعات على حساب فئات وقطاعات أخرى. والإشكالية الأعمق هي أن إفلاس أي قطاع من القطاعات المنتجــــة ستكون له تداعيات وعواقب على قطاعات مرتبطة من جهة وعلى المنظومة الاقتصادية ككل، ولا أحد حينها أمام هذا الواقع سيكون بمنأى عن خطر الإفلاس وتبعاته مهما كان حجم دخله.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.